ما الهدف من تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع التي تجاوز فيها نطاق العقل، وتجاهل من خلالها إثباتات الحقائق والوقائع؟ وما الدوافع من وراء مثل تلك التصريحات والتبجحات التنظيرية المبطنة برزمة من المغالطات والأكاذيب التي لا تخدم ظروف المرحلة ولا متطلبات الواقع السياسي والدولي الذي تمر به المنطقة العربية وقضاياها الراهنة؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات لتخرج كل هذه المغالطات دفعة واحدة؟ وكأن الوضع العربي وبكل ما يعصف به من ملمات وبؤر سخونة يحتاج إلى من يزيد جراحه، ويعبث بوحدته من خلال تصريحات إعلامية لا تصدر عن أقل الفاهمين ببدهيات القضايا ومسلمات الأمور التي من ضمنها ريادة الدور السعودي، وجوهرية السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية في محيطها العربي والإسلامي، ودورها في المنافحة عن القضايا العربية والإسلامية من دون أي استغلال أو أساليب نفعية وبرغماتية كما هو ديدن أكثر الفاعلين في المجتمع الدولي.
فالمملكة العربية السعودية كانت - ولا زالت - محوراً مهماً ومؤثراً في صناعة القرار الدولي والعربي والإسلامي بشكل خاص، ولا ينكر مكانتها في ذلك إلا من انعدمت لديه حمرة الخجل أو من أصيب بلوثة البله السياسي، فأصبح يهرف بما لا يعرف ويقلب الحقائق والمسلمات.
لقد أنجزت المملكة العربية السعودية في فترة قصيرة عدة نجاحات دبلوماسية وسياسية تعجز دول عدة سواء في المنطقة أو خارجها عن إنجازها، فلا توجد قضية أو ملمة عربية أو إسلامية إلا ويممت السياسة السعودية وجهها شطرها مقدمة الحلول والوساطات والمقترحات حيناً، ومادةً يد العون والمساعدة فيها حيناً آخر, فمن العراق وجمعها علماءه بكل أطيافهم ومذاهبهم ليوقعوا على حرمة الدم العراقي وتحريم القتل على الهوية والمذهب, إلى فلسطين ومسعاها النبيل إلى حقن دماء رفقاء الوطن والسلاح، وإيقاف نزيف الدم الفلسطيني، مروراً باتفاق تشاد والسودان، واحتضانها قمة التضامن العربي التي تعد من أنجح القمم العربية وأكثرها تأثيراً في مسارات المنظومة العربية، وغيرها كثير من المساعي والجهود المنبثقة من دبلوماسية نشطة جعلت الالتزام بالمبادئ والقيم العربية والإسلامية هدفها الأول والمهم في أولوياتها؛ وهو الأمر الذي يضع كل من يشكك بالدور السعودي وريادته تحت عدسة المجهر وفي قلب دائرة الاستغراب والريبة.
متانة العلاقات السعودية السورية وأصالتها التي أثبتت قوتها في مواقف عدة هي الترس الحامي والمدافع عن ديمومة هذه العلاقة الأخوية التي توليها المملكة كغيرها من العلاقات العربية الأخرى كل الاهتمام والرعاية والحرص.
انطلاقاً من مبادئها السامية وعقلانيتها واعتدالها السياسي المعروف للقاصي والداني البعيد عن المهاترات والمزايدات والمناورات.. وذاك ما جعل منها محط الاحترام والتقدير في محيطها العربي والإسلامي والدولي كفاعل دولي مهم فرض وجوده على الخريطة العالمية بكل اقتدار، وعقلانية سياسية بعيدة كل البعد عن التشنج والارتجال وقراءات الحقائق بالمقلوب.