أضحت الصورة القاتمة لانتشار الإرهاب في منطقتنا العربية، ترتبط بكلِّ ما هو عربي وإسلامي في أذهان الآخرين، وهناك أفعال كثيرة طائشة ترسّخ من هذه الصورة المشوّهة، وهناك حاجة ماسّة، تبعاً لذلك، لتعديل صورة المنطقة، ولن يتحقق الكثير إلاّ بجهد مشترك يعزِّز العمل الذي تقوم به كلُّ دولة على الصعيد الداخلي. بعض النجاحات تتحقق تجاه التصدِّي لموجات الإرهاب، فيما تتواصل الكثير من المحاولات للحد من هذه الأخطار، وهناك في المقابل، موجات تستشري للأفكار الهدّامة التي تغذِّي الإرهاب، وجهات تشجع على هذه السلبيات، ما يعني أنّ النجاح الكامل لا يزال أمراً بعيد المنال، ومع ذلك فإنّ النجاحات التي تتحقق هنا وهناك، ينبغي الدَّفع بها إلى الأمام، واستثمارها في معركة شاملة ضد هذه الظاهرة التي تتخذ شكلاً وبائياً.في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، تم التعبير عن إصرار واضح على كسب المعركة ضد الإرهاب في المنطقة، لأنّ الإرهاب - كما قال المجلس - (يتنافى مع توجُّهات الشعوب، ورغبتها الملحّة في الأمن والاستقرار والوفاق والتنمية). اهتمام المملكة باستئصال الداء، وعملها الدؤوب في هذا المجال، يحقق نتائج مقدّرة، وهي تمضي في هذا السبيل مع إدراك واسع لمخاطر استشرائه، وتكرِّس من أجل ذلك قدراتها البشرية والمادية، كما تستثمر علاقاتها الدولية الواسعة لإرساء تعاون خلاّق في هذا المجال، وتقود جهداً عربياً من خلال دورها النشط في مجلس وزراء الداخلية العرب لمحاصرة الإرهاب. وتبقى التجربة السعودية المتمثلة في برامج المناصحة، اختراقاً مهماً في إطار حرب المملكة على الإرهاب، وقد اكتسبت هذه التجربة المتميّزة صيتاً دولياً واسعاً، وأصبحت الكثير من الدول تسعى إلى الاحتذاء بها، من خلال إخضاعها لظروفها المحلية، وبالطريقة التي يمكن أن تسفر عن نتائج عملية طيبة. بالطبع هناك إدراك واسع لنتائج نمو الإرهاب واستشرائه، وفي منطقتنا العربية تحديداً فإنّ النتائج ماثلة أمام الجميع، فأينما نشط الإرهاب نرى بوضوح تراجع معدّلات التنمية والنمو، وتراكم مختلف المصاعب الإنسانية والاقتصادية، فضلاً عن تقلُّص التواصل المطلوب مع الدول الأخرى من جهة ضعف الاستثمارات الأجنبية التي تستوجب بيئة آمنة للعمل. وتظل الحاجة قائمة باستمرار لتعاون دولي فعّال لتجاوز أخطار الإرهاب، وهناك باستمرار فرص طيبة للعمل خاصة بين مجموعة الدول العربية والإسلامية، اعتماداً على التقارب الطبيعي بين الأشقاء، بما في ذلك وجود قواسم مشتركة، وتطلُّعات متماثلة، حققّت ويمكن أن تحقق الكثير في هذا المجال، من خلال متابعة برامج فاعلة وجادّة.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244