Al Jazirah NewsPaper Monday  13/08/2007 G Issue 12737
رأي الجزيرة
الأثنين 30 رجب 1428   العدد  12737
الرهائن.. كوريون أم أفغان؟

غطت أزمة الرهائن الكوريين على كامل المشهد الأفغاني المثخن بالجراح. وبينما الأزمة في ذروتها قضى مئات المدنيين الأفغان في غارات لقوات التحالف. ورغم فداحة الخسائر البشرية، فقد ظلت أزمة الرهائن في صدارة أنباء أفغانستان؛ ليشكل هذ الوضع خللاً في الأولويات يزيد من تعميق المصاعب في ذلك البلد.

التجاوز المتعمد لأنباء سقوط مئات القتلى من المدنيين يصبّ في صالح القوات الأجنبية في أفغانستان، التي تخوض حرباً منذ أكثر من خمس سنوات من أجل القضاء على تنظيم القاعدة وطالبان، لكنها - فيإطار ملاحقتها لهذه العناصر - لا تتورع في تدمير قرى بأكملها من أجل القضاء على بضعة مقاتلين؛ ففي حادثة قبل أسبوعين بإقليم هلماند قصفت طائرات حلف الأطلسي تجمعاً في سوق محلي، وأسفر القصف عن مقتل 300 من المدنيين، وقالت قوات الأطلسي في تبريرها للحادث إنهم كانوا يلاحقون مجموعة من طالبان، لكن مسؤولين حكوميين أفغاناً قالوا إن القوات الدولية كان بإمكانها استهداف عناصر طالبان قبل دخولهم إلى ذلك التجمع البشري.

وتظهر يوميات الوقائع الأفغانية تبرماً متعاظماً، حتى وسط المجموعة الحاكمة، من تصرفات القوات الأجنبية وطريقة عملها التي لا تضع حساباً للمدنيين. وقد أعرب الرئيس الأفغاني نفسه عن شعور مماثل، ومع ذلك فإن الحكومة لا يبدو أنها تستطيع فعل الكثير في ظل هيمنة القوات الأجنبية على جميع أرجاء البلاد.

ويقبع المدنيون وسط هذا الوضع المتأزم بين فكي كماشة؛ فمن جانب هناك القوات الدولية، وفي الجانب الآخر هناك مسلحو طالبان، ولا يستطيع المدنيون الإبلاغ عن وجود مقاتلين من طالبان وسطهم خشية التنكيل بهم من قبل رجال الحركة، وهم من جانب آخر عاجزون عن صدّ الغارات الدولية التي تحصد العشرات منهم صباح مساء.

ومن الواضح أن أفغانستان تحتاج إلى قدر من التهدئة يمكن من خلالها تنشيط عملية سياسية تفضي إلى نوع من التوافق يستطيع أن يستقطب القدرات السياسية الأفغانية من كل الاتجاهات، وبدلاً من الرهانالدولي على حسم الوضع على أرض المعركة، فإنه سيكون من المناسب بذل جهود دولية أكبر من أجل مصالحة وطنية تعيد أفغانستان إلى أهلها.

لقد أصبح حال تلك البلاد أشبه ما يكون بالرهينة، وتعطي أزمة الرهائن الكوريين مثالاً صارخاً لشلل قدرة البلاد تجاه الأزمات الداخلية؛ حيث تثبت وقائع الأزمة أن إدارتها أبعد ما تكون عن كابول. وانطلاقاً من ذلك يمكن تصوّر أمور كثيرة تتحكم فيها العواصم الأخرى.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد