Al Jazirah NewsPaper Sunday  12/08/2007 G Issue 12736
رأي الجزيرة
الأحد 29 رجب 1428   العدد  12736
إسرائيل ومعوقات السلام

في ظل الجهود الدبلوماسية والدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لإحياء مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين خرج وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ليقول: إن الانسحاب من الضفة الغربية وإنهاء احتلالها لا يمكن أن يتم قبل خمس سنوات على الأقل، وأنه لا يرى سلاماً وشيكاً مع الفلسطينيين واصفاً ذلك بالفكرة الخيالية.. كل هذه الأطروحات (الباراكية) للزعيم العمالي والتي وصلت حد ربطه بين مدة الخمس سنوات وبين بناء أنظمة أسلحة مضادة للصواريخ اليدوية التي تطلق على إسرائيل تضعنا أمام أمرين مهمين وجوهريين في إدارة الصراع والمفاوضات مع إسرائيل: أولهما هو هوس ساسة تل أبيب وقادتها بنظريات الأمن والتمترس والتحصن والتي منذ قيام الكيان عام 1948م لازالت تسيطر على عقول الإسرائيليين ويتحججون بها، حتى أنهم باتوا يكذبون الكذبة تلو الأخرى حول أمن الشعب الإسرائيلي ويصدقونها, أما الأمر الآخر وهو الأهم وقد لعب دوراً مهما في تعطيل مساعي السلام في الشرق الأوسط فهو إشكالية التباين الحزبي والايدولوجي بين الأحزاب والائتلافات الإسرائيلية والذي أصبحت مشاريع السلام وأطروحات التسوية ضحيته الأولى، فباراك وحزب العمل لهم أطروحاتهم وميلهم إلى اليسار السياسي كما هو معروف، وكديما المنبثق عن حزب الليكود بتطرفه المعروف له أطروحاته اليمينية القاتمة وكل منهم يعزف على وتر قناعاته الايدولوجية والحزبية في مسرح السلام المستغل، وإن جمعتهم الحكومات الائتلافية ووحدتهم الصفقات السياسية الداخلية, فكما كان حزب العمل الشريك السابق في اتفاقات أوسلو يرى غالبية الليكوديون إن أوسلو وما تلاها من اتفاقيات نوع من الورطة التاريخية التي يجب أن تقلب لصالح إسرائيل استراتيجياً بشتى الطرق حتى إن تطلب ذلك إطالة أمد الصراع واستهداف الطرف الآخر باليأس.

لقد أضحت جهود السلام في الشرق الأوسط بحاجة إلى وقفة جادة مع إسرائيل من قبل رعاة السلام الدوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والتي يقع عليها القدر الأكبر من المسئولية الدولية والإنسانية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني وتلكؤ إسرائيل وتعطيل الجهود الرامية إلى إقرار العدل الدولي لإنهاء أكثر القضايا العالمية سخونة وأطولها من حيث الصراع والمعاناة، وفي الطرف الآخر ونعني الإخوة الفلسطينيين وما حاق بهم من فرقة وتشرذم تمثل في انفجار الوضع بين حركتي حماس وفتح.

قد آن الأوان لنبذ كل فلسفات التحزب والتقوقع الأيديولوجي ورفع شعار (لا صوت يعلو فوق صوت الوطن) ذلك الوطن الذي تحولت فوهة بندقيته المناضلة من اتجاه نحور الأعداء المحتلين إلى صدور إخوة التراب المناضلين في نكبة جديدة كان المشروع الوطني الفلسطيني في غنى عنها وعن ما اجترته عليه من ظواهر التمزق والارتباك النضالي مما كرس ثقافة الحزب والحركة بدلاً من ثقافة الوطن الجامع والمشروع النضالي الواضح والذي حل محلة ثقافة الإقصاء وتهميش الطرف الآخر وتخوينه واحتكار المقاومة ومصادرتها من قبل كل طرف بناء على قناعاته الايدولوجية والحركية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد