قادت المملكة برنامجاً وطنياً خالصاً في مجال مكافحة الإرهاب ثبتت وجاهته وجدواه على الصعيد المحلي وها هو يكتسب وجهاً دولياً، فبرنامج المناصحة الذي يستهدف تصحيح أفكار الذين وقعوا ضحية للأفكار السلبية التي دفعت بهم إلى الانخراط مع الفئات الإرهابية المارقة، تمكن بالفعل من تصحيح أفكار وتوجهات المئات من الشباب، بل واستقطب البرنامج انتباه الآخرين في أنحاء العالم، وكان منهم بوجه خاص في الفترة الأخيرة فريق الرصد التابع للجنة العقوبات التي شكلها مجلس الأمن الدولي، حيث أبدى رئيس هذا الفريق رغبته في الاطلاع على معلومات وافية عن البرنامج منوهاً بما أنجزه.
ومن الواضح أن نجاح هذا البرنامج يعكس ثقة كبيرة بالنفس وبالقدرات الذاتية على تجاوز المصاعب القائمة، غير أن هذا النجاح يعكس أولاً وقبل كل شيء الإمكانات الهائلة التي تقوم عليها شريعتنا الإسلامية في التصدي لكل المشكلات، وكيف أن النظر بروية للأمور وفقاً للمنهج الإسلامي القويم يقود إلى النتائج المرجوة، فديننا هو دين الرحمة والموعظة الحسنة وهو دين السلام والاطمئنان، ومتى ما التزم البشر بالمبادئ السامية القويمة فيه، فإن في ذلك خلاصهم، فقد كانت الحكمة أيضاً وراء هذا العمل المهم، وكان الالتزام بالمناقشات الهادئة الحاذقة التي تتبنى العلم الشرعي منهجاً لها هي الوسائل التي اعتمدتها مختلف اللجان العاملة في إطار برنامج المناصحة.
لقد استطاعت المملكة إنجاز الكثير في إطار مكافحة الإرهاب والقضاء على عدد من الخلايا مستخدمة في ذلك جملة من الوسائل بما فيها الأمنية، وقد نجحت الوسائل المتعددة كل في المجال المخصص لها، ومتى استلزمت الحاجة لذلك، وقد كانت هذه الوسائل مترابطة فيما بينها، وحيثما كانت القوة لازمة وحتمية، فقد كان العمل يجري وفقاً لها، ومتى كانت المناصحة واجبة وضرورية، فقد وجدت الطريق إلى التنفيذ.
إن هذا العمل المتكامل قدم إسهاماً لا غنى عنه في إطار الحرب التي تستهدف الإرهاب، وهذه التجربة السعودية الخالصة إنما ترفد مجمل الجهود العالمية بوسائل جديدة من العمل تستوجب الاحتذاء بها، وفقاً لما يتفق مع أوضاع كل دولة.
ولم تكن هذه الجهة الدولية التابعة لمجلس الأمن الدولي هي الوحيدة التي تطلب معلومات عن برنامج المناصحة، فقد زارت وفود من عدة دول المملكة لهذا الغرض للإفادة من هذه التجربة في مواجهة الإرهاب الذي يتخذ منحى دولياً في الانتشار.
وهكذا فإن ثراء التجربة الإنسانية العامة في مكافحة الإرهاب يتحقق من خلال هذه الأعمال الجادة التي تسخر مختلف المعارف الدينية والإنسانية من أجل التخلص من مشكلات تقض مضاجع الإنسانية جمعاء.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244