Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/08/2007 G Issue 12726
رأي الجزيرة
الخميس 19 رجب 1428   العدد  12726
المملكة ومحورية التسوية

أتاح المؤتمر الصحفي لسمو وزير الخارجية ووزيرة الخارجية ووزير الدفاع الأمريكيين فرصة أخرى لتأكيد المواقف السعودية من التطورات وقضايا المنطقة، وهي مواقف تنسجم في مجملها مع التطلعات والرؤى العربية، كما تتبلور هذه الرؤى بشكل أدق في عدة مواقف، لعل أبرزها مبادرة السلام العربية التي هي إنتاج سعودي حظي بإجماع عربي، وهذا هو شأن المملكة في تصديها للقضايا الكبرى للأمة، فهي قادرة دائماً على أن تعلي من شأن المواقف المشتركة مع قدرة أكثر على مخاطبة القضايا في محاورها المهمة؛ وهي لذلك استطاعت تحقيق هذا الإجماع ليس تجاه تلك المبادرة فحسب بل إزاء العديد من قضايا المنطقة.

وفي الوضع الراهن، وبينما تتوجه الجهود بقيادة الولايات المتحدة نحو مؤتمر دولي للسلام، فقد كانت المملكة واضحة في تأييدها لهذا التحرك على (أن لا يكون هذا المؤتمر منصة للقاء وحوار دون إثراء الجانب السلمي)، على حد تعبير الأمير سعود الفيصل الذي رأى أن المبادرة الأمريكية (تضمنت العديد من العناصر المهمة والإيجابية حول شمولية الحل وقيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتصلة الأطراف وتفكيك المستوطنات وحل مشكلة اللاجئين والقدس، وهي عناصر تلتقي في مضامينها مع المبادرة العربية للسلام الشامل، وقد رحبنا بهذه المبادرة).

وتستشعر المملكة بشدة كيف أن المشكلة الفلسطينية تعمل كعامل ضاغط في المنطقة مرسلة بموجات من التوتر في كل أنحائها؛ ولهذا فإن الجهد الأمريكي الجديد الذي ينسجم مع الرؤية العربية في السلام ينبغي أن ينفذ مباشرة إلى العناصر الرئيسة التي تؤدي إلى السلام، وإلا فإن الأمر لن يكون سوى لقاء لن يفيد منه أي طرف سوى إسرائيل التي تنظر إلى السلام كمعوق لطبيعتها التوسعية العدوانية.

ومن أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة تبقى هناك دائماً الحاجة إلى إزاحة العوائق الرئيسة التي تدفع بها إسرائيل في كل مرة في طريق الحل ومحاولات الالتفاف على أسس السلام الحقيقي. ورغم القناعة السائدة دولياً بأن السلام يستوجب إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية فإن إسرائيل لا تترك كثير مجال لإقامة الدولة الفلسطينية؛ إذ إن مساحات كبيرة من الأرض المفترضة لإقامة الدولة تقع تحت السيطرة الإسرائيلية في شكل كيانات استيطانية ضخمة في الضفة الغربية، وسور يتلوى في أنحائها، فضلاً عن الإنشاءات والحواجز الأمنية الأخرى التي تنتشر في جميع أنحاء الضفة.

وأكثر ما هو مقلق أن إسرائيل تتلقى أضواء خضراء من أكثر من طرف فاعل، بمن فيهم أصحاب فكرة المؤتمر الدولي ذاتها، على إمكانية استمرار تلك الكيانات الاستيطانية.

ومن هنا فإن أي جهد باتجاه السلام ربما يتم النظر إليه من باب الأماني والتطلعات التي لا تلامس أرض الواقع إذا ما ظلت هذه التناقضات قائمة في مواقف إسرائيل وفي مواقف الذين يدعمونها سياسياً ومادياً.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد