يزداد الشرخ الفلسطيني اتساعا، وهناك القليل من العمل المبذول لرتقه، فالآفاق تبدو قاتمة لاختراق باتجاه تسوية تعيد الوفاق إلى ساحة مثخنة بالجراح ولا تحتمل مثل هذه الحالة السلبية، كون هذه الساحة عرضة بكل أطرافها، من فتح وحماس والفصائل الأخرى، لعدو شرس يطيب له كثيراً استمرار حالة الانقسام طالما أنها تبقيه بعيداً عن (شبح) السلام..
دخول الجامعة العربية على خط الأزمة بصورة عملية إلى محاولات التسوية هو أمر مشجع، من جهة أنها تبلور رأياً عاماً عربياً منظماً يستطيع أن يفعل الكثير، لكن يبقى الجهد الأكبر والمطلوب من الفلسطينيين أنفسهم، ولعل البدء بوقف هذه الحرب الكلامية التي تتواصل ليل نهار سيكون أمراً موفقاً، وإلا فإن كيل الاتهامات بصورة يومية، من شأنه تأجيج نيران الخلافات فقط، وذلك رغم إدراك الفلسطينيين لحجم الأخطار المحدقة بهم جميعا.
ولعل من الأشياء المسلَّم بها أن أية مواجهة مسلحة ستكون خسارة للصف الفلسطيني كاملا، وأن الفوضى المستشرية بسبب وجود حكومتين تقدم صورة في غاية السلبية للوضع الفلسطيني العام، في وقت يحتاج فيه الفلسطينيون إلى صيغة موحدة تقدمهم للعالم كدعاة للسلام وكعاملين من أجله..
وإلى أن تتحقق هذه الصورة الوفاقية فإن أي تحرك باتجاه السلام لن يكتب له النجاح طالما تخلف الجانب الفلسطيني عن الظهور كجبهة واحدة تستطيع الاضطلاع بمهام التفاوض والصمود أمام الدعاوى الإسرائيلية المدعومة من الدول الكبرى..
إلى ذلك فليس هناك من ينتظر نتيجة نهائية تشير إلى فائز هنا أو هناك، فلسنا إزاء معركة حربية بين جيشين، وبكلام آخر فلا يمكن في النهاية إلغاء طرف فلسطيني وإزالته من على الخريطة السياسية، فكل الفصائل ستبقى، وينبغي أن يكون هذا هو الفهم السائد، ويعني ذلك ضمناً التسليم بقواعد اللعبة الديموقراطية التي تتيح الاختلاف دون المس بالثوابت الوطنية، ويمكن بالانطلاق من ذلك تلمس سبل الحل وإعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني، مع استبعاد كل مفردات اللغة السائدة حاليا بين فتح وحماس بما في ذلك التلميحات إلى الإقصاء والإزالة، أو الانطلاق بقطار السلام في غياب هذا الفصيل أو ذاك.
وسيكون من المهم من أجل تنقية الساحة مما علق بها مواجهة المصاعب بكل الشفافية والوضوح، وأن يخرج الوسطاء كل ما في صدورهم من نفس حار، حتى يمكن بناء حالة وفاقية على أسس ثابتة وقوية تتيح الانطلاق مجددا بالمشروع الفلسطيني بكل تفاصيله من نضال وحوار من أجل السلام بصورة تحفظ لكل فصيل كينونته التي يفترض أنها تلتقي مع الآخرين في فضاء الثوابت والحرص على القضية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244