تملَّكتنا حالة من الشَّجن العميق ساعة انتهاء مباراتنا والمنتخب الياباني المنظَّم والمتجانس والقوي .. مما جعل الدمع ينسكب حاراً من مآقينا .. في حالة لا تتكرر كثيراً .. فقد كنا أمام لوحة سريالية امتزجت فيها المشاعر الوطنية الحقيقية بعبق الروح لينطلق شذاها على مساحة من الفرح والحبور .. وعلى مساحة وطن شامخ بمكانة واتساع وشموخ.
** حيُّنا الهادئ تحوّل إلى شلالات من الفرح والبهجة .. حتى جارنا الوقور ركب سيارته على غير العادة وانطلق أبناؤه وقد وضعوا علماً سعودياً كبيراً على ظهر السيارة لينطلق بفرحة جنونية قد حسبت أنّها حالة خاصة باليفَّع وصغار الشباب .. وإذا بها تسري في شرايين الوجد لمن ظنناهم تعدّوا مرحلة التعبير المعلَن عن الحب الهستيري الذي يتملّك كلّ فرد سوي على هذه الأرض المباركة .. فإذا بي أرد التحية لجاري وصبيته بدمعة حارة انسكبت على خدي عنوة مني فمسحتها وتماسكت قبل أن أعود إدراجي لداخل المنزل .. فمثلي لا يوافقه بل لا يحتمل كل ذلك الشجن المعبِّر والمعطّر بخزامى الأرض وفلِّها وكاديها.
** لاعبونا أمام اليابان قدموا دروساً وعبراً .. فقد امتصوا اندفاع اليابانيين وحماسهم خلال العشرين دقيقة الأولى .. ثم بعدها دقّت ساعة العمل للفوز من أجل الوطن ومن أجل إقصاء شرق آسيا عن النهائي .. ومن أجل إنهاء (حكاية) العقدة، فتعملق اللاعبون وبرز منتخبنا بروح عالية ولعب بهمّة واعية رغم الإرهاق ورغم كل المنغصات التي نشأت عن سوء التنظيم من الاتحاد الآسيوي .. ولكن لا يصح إلاّ الصحيح، فسيف - لا إله إلاّ الله محمد رسول الله - السعودي يبز ويبتر سيف الساموراي الياباني .. ثم ينحيه مخذولاً.
** أمير المنتخب نواف بن فيصل، قاد المنتخب الشاب في هذه البطولة إدارياً بتمكُّن واقتدار أذهل كل متابع .. فالأمير الشاب ظاهرة إدارية متميزة .. يحمل فكراً وقّاداً وإيجابياً .. كيف لا وهو من تصدّى للمتربصين بالمنتخب في الداخل والخارج.. وهو أيضاً من كشف ضآلة فكر وصغار بعض من ابتلينا بهم من كتّاب صحافة الفريق الواحد واللاعب الواحد .. وأخرج الجميع إلى فسحة منتخب الوطن .. ليس هدفه الكأس الآسيوية فقط .. بل هو منتخب المستقبل .. منتخب الأحلام .. منتخب مونديال جنوب أفريقيا 2010م بإذن الله .. فنواف كان واضحاً وصريحاً وصادقاً، وقد انتهت البطولة وعانقنا سماء المجد، ورغم ذلك فهناك من لا يزال يعوم في بحيرة الذات الآسنة.
** هذا ولا أعلم ما آلت إليه نتيجة مباراتنا يوم أمس مع المنتخب العراقي الشقيق، والذي استفاد من لاعبيه المحترفين خارج العراق .. ومع ذلك فقد وحَّدوا الشعب العراقي الذي قُتل منه خمسون مشجعاً كانوا يعبِّرون عن فرحتهم بتأهُّل منتخبهم، فإذا إحدى سيارات القاعدة المفخخة تنسفهم من الفرح ومن الوجود، وكأني بتلك القاعدة النتنة قد استكثرت على العراقيين فرحتهم بتأهُّل منتخبهم إلى المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الآسيوية الحالية .. حتى الفرح صادروه!!
** وأيّاً تكن النتيجة بين الشقيقين .. فألف مبروك لكلا المنتخبين العربيين الشقيقين .. فقد كانت قلوبنا مع منتخبنا .. وكانت مشاعرنا مع المنتخب العراقي الشقيق .. فالخاسر منهما فائز وكلاهما فاز بالبطولة وبالكأس وبالمجد المؤطر بنياشين الذهب وتركا لغيرهما الألم والحسرة.
العشم فيكم يا دكتور!!
ذكر الدكتور صالح بن ناصر في مؤتمره مع مسئولي الاحتراف في الأندية، المنعقد يوم الأربعاء الماضي، ما معناه (أنّ قصور الفهم وعدم تطبيق نظام الاحتراف كما ينبغي وعدم الالتزام بالتغذية الصحيحة وسوء تنظيم الوقت وقلة الوعي الرياضي وضعف اللياقة البدنية هي السبب في عدم احتراف اللاعب السعودي خارج المملكة، وطالب من الإعلام توعية اللاعبين لواجباتهم تجاه أنفسهم ومن ثم تجاه أنديتهم ومنتخبهم) .. وهذا الكلام جميل وإيجابي ولكن أين هي الصحافة وأين هو الإعلام الصادق والأمين تجاه اللاعب السعودي .. لدينا إعلام أندية وليتها تقف عند ذلك .. فما ابتليت به بعض صحافتنا من كذب وزرع للمشاكل والفتن والتشكيك في كل عمل وغلبة لغة الأنا البغيضة على أولئك، يجعلنا نتساءل أين الصحافة التي تنور لاعب الوطن السعودي أين هي يا دكتور؟!!.. فحتى المنتخب الوطني لم يسلم من تعاملهم غير المسئول وهو منتخب الوطن حتى وهو يجندل الخصوم جندلة .. ثم إنّ لجانكم مقصرة كثيراً في معاقبة (نجوم) أساءوا بعد الاحتراف لآخرين من جمهور ولاعبين وغيرهم، ومع ذلك يسبق العفو العقوبة إذا كان من نادٍ معيَّن .. هذا اللاعب نفسه كان قبل الاحتراف ملتزماً بأدب التعامل في داخل الملعب وخارجه، وكان يتمنى أن يمسك بيده ألف ريال فقط وإذا به (يلعب) بالملايين وهو الذي نشأ الأحياء العشوائية وكان حظه من التعليم محدوداً، وإذا بالاحتراف ينقله لمرحلة النرجسية بما تحمله من تشوهات وقفت لجانكم حائرة أمام التعامل مع أمثال هؤلاء اللاعبين .. حتى اللاعبون الذين ثبت تناولهم للمنشطات لم تتم معاقبتهم بل وتم التستُّر عليهم فمثل هؤلاء ووسط هذه الأجواء كيف سيحترفون في أندية عريقة ومحترمة في أوروبا!! فابدأوا بأنفسكم دكتورنا العزيز ثم البقية تأتي.
نبضات!!
* ما هو سر كرة القدم التي تخطف الأفئدة وتخرج العقلاء عن عقالهم ويتساوى في حالة الفرح الصغير والكبير، وفي حالة الخسارة يعم الحزن الشديد، ما هو هذا السر الذي جعل دولتين تتحاربان بعد مباراة كرة قدم، ماذا في كرة القدم لتحيل الليل نهاراً والنهار ليلاً .. أرجو أن أجد للغزها حلاً في مقال قادم إن شاء الله!!
* عقب المباراة والتأهُّل للنهائي أصابهم الذهول وألجمتهم أهداف ياسر ومالك .. فرأينا وجوهاً متربة متعبة تائهة النظرات، برافو منتخب الأمل السعودي فقد قهرت من تربّصوا بك وألقمتهم أحجاراً!!
* شكر خاص للمدرب (نوبوشا) فقد قدم لنا (حلاّل العقد) مالك معاذ، بعد أن كان لاعب وسط مركوناً على كراسي الاحتياط، وإذا به يجعل منه مهاجماً لا يشق له غبار ويكفيه أنه (فرمت) الكمبيوتر الياباني!
* التبريكات وصلتنا من كل الأشقاء العرب في أقصى الوطن العربي، والمؤسف موقف البعض ممن أتعبها انتصار الأخضر السعودي .. ومن عندي أقول موتوا بغيظكم فلا يصح غير الصحيح!!
رسالة جوال مؤثرة
مبروك ليس مرة ولا اثنتين ولا مليون ولا مليونين، مبروك مليار مرة يا قبلة مليار مسلم يا موطن الحرمين يا دار (أبو متعب)!!
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 6891 ثم أرسلها إلى الكود 82244