حقق العراق انجازاً تاريخياً بتأهله إلى المباراة النهائية لكأس آسيا في كرة القدم للمرة الأولى بعد أن أقصى كوريا الجنوبية بفوزه عليها 4-3 بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي صفر-صفر في كوالالمبور في نصف نهائي النسخة الرابعة عشرة.
وكانت أفضل نتيجة للعراق في البطولة الآسيوية وصوله إلى نصف النهائي عام 1976 قبل أن يحل رابعاً.
وأنهى العراقيون بالتالي حلم الكوريين باحراز اللقب للمرة الثالثة في تاريخهم، والأولى منذ 47 عاماً، إذ سبق أن فازوا في النسختين الأوليين عامي 1956 و1960. وكانت كوريا الجنوبية تخطت إيران في ربع النهائي بركلات الترجيح 4 -2 بعد تعادلهما سلباً أيضاً، وتألق حارسها لي وونغ جاي وصد ركلتين لمهدي مهداوي ورسول خطيبي. لكن وونغ جاي فشل في صد أي ركلة للعراقيين اليوم، في حين نجح نور صبري في ذلك وصد ركلة يوم كي هون، قبل أن يسدد زميله كيم جونغ وو الركلة الأخيرة بالقائم الأيسر.
وأكدت مباراة اليوم أن المنتخب الكوري الجنوبي يعاني من عقم هجومي واضح حيث سجل لاعبوه ثلاثة أهداف في خمس مباريات فقط، ويمكن أن يوصف بالمنتخب الذي يجيد اللعب والسيطرة على المجريات لكنه لا يجيد الطريق إلى المرمى جيداً. ولم يقدم المنتخب العراقي في المقابل المستوى الذي ظهر عليه في المباريات الأربع الأولى حتى الآن، فكانت ألعابه الجماعية غائبة تماماً لكن محاولاته شكلت خطورة على مرمى الكوريين. وفشل أي من الطرفين في التسجيل في الوقتين الأصلي والإضافي، فلجآ إلى ركلات الترجيح، فسجل لكوريا لي تشون سو ولي دونغ غوك وتشو جاي جين واهدر يوم كي هون وكيم جونغ وو، في حين سجل للعراق هوار محمد وقصي منير وحيدر عبد الأمير وأحمد عباس، وحسمت النتيجة قبل تسديد الركلة الخامسة. أشرك البرازيلي جورفان فييرا مدرب العراق نفس التشكيلة التي خاضت المباريات السابقة وخصوصاً ضد فيتنام في ربع النهائي، ولم يكن صالح سدير أساسياً بحكم الإصابة التي تعرض لها في الدور الأول ضد استراليا. أما التغيير الأبرز الذي قام به الهولندي بيم فيربيك مدرب كوريا الجنوبية فكان بإشراك تشو جاي جين أساسياً بدلاً من لي دونغ غوك، وهو دأب على الاختيار بين الاثنين منذ بداية البطولة. قدم المنتخبان عرضاً متواضعاً في الشوط الأول وتأثرا في النصف الأول منه بالأمطار الغزيرة التي هطلت على أرض الملعب ما حد من إدائهما ومن تحركات اللاعبين، فسيطر البطء على تحضير الهجمات وانحصر اللعب في منطقة الوسط.
وكان الكوريون أكثر تصميماً على التحكم بالمجريات وبناء الهجمات قبل تمرير الكرة بعرض الملعب، لكن الدفاع تعامل معها جيداً، في حين عمد العراقيون في البداية إلى الابقاء على كثافة عددية في منطقتهم تجنباً لأي هدف مبكر مع التقدم بهدوء في الهجمات لعدم ترك مساحات خالية يستغلها الكوريون، وكانت النتيجة أفضلية كورية في معظم فترات الشوط لكن المفارقة أن الخطورة كانت عراقية خصوصاً عبر يونس محمود.
كان نشأت أكرم صاحب أول تسديدة باتجاه المرمى الكوري لكن كرته مرت قريبة من القائم الأيمن (11)، ثم سنحت أخرى أمام يونس محمود من الجهة اليسرى فتابعها في الشباك الجانبي الأيمن للمرمى (16). فرض المنتخب الكوري أفضلية ميدانية لدقائق لكن من دون خطورة تذكر إذ فشل لاعبوه في اختراق المنطقة العراقية فلجأوا إلى التسديد من بعيد في أغلب الأحيان. وأرسل سون داي هو كرة سيطر عليها الحارس نور صبري بسرسل هولة (22)، ثم كانت واحدة للي تشون سو عالية (25)، وسدد يوم كي هون أخرى بيسراه على يسار المرمى (27). ورفع المنتخبان وتيرة الأداء في الدقائق العشر الأخيرة من الشوط التي كانت فيها هجمات العراقيين سريعة، فمرر هوار محمد كرة إلى يونس محمود داخل المنطقة تابعها بيسراه لامست القائم الأيسر في أخطر محاولات الشوط الأول (40)، ثم سدد يونس أخرى لم تكن بعيدة عن المرمى (42). أبرز الفرص الكورية كانت من ركلة حرة قبل دقيقتين من نهاية الشوط الأول نفذها يوم كي هون على باب المرمى مباشرة لكن نور صبري تدخل في اللحظة المناسبة مبعداً الخطر.
تحسن الأداء في الشوط الثاني خصوصاً مع سعي الكوريين إلى التسجيل فكانوا الأكثر سيطرة على المجريات وحصلوا بالتالي على عدد من الفرص من دون أن ينجحوا في التسجيل. وبدأت الفرص بكرة تهيأت أمام كرار جاسم في الجهة اليسرى للمنطقة فسددها باتجاه الزاوية اليمنى لكن الحارس لي وونغ جاي سيطر عليها (47). وسنحت لكوريا فرصة بعد دقيقتين عندما وصلت كرة إلى لي تشون سو داخل المنطقة أيضاً فاستدار وسددها قوية مرت قريبة من القائم الأيسر لمرمى صبري. وارتقى تشو جاي جين لكرة من ركلة حرة من الجهة اليمنى فتابعها برأسه عالية قليلاً عن المرمى (60)، وأبعد صبري كرة بعيدة من نحو 35 متراً سددها يوم كي هيون (66). وقام مهدي كريم بمجهود من الجهة اليمنى فتخطى لاعبين قبل أن يسدد كرة مرت قريبة جداً من القائم الأيمن لمرمى وون جاي (69). وواصل الكوريون أفضليتهم وكاد لي تشون سو يهز الشباك في الدقيقة 71 حين تلقى تهيأت أمامه كرة عالية داخل المنطقة وهو في وضع جيد للتسديد فأرسلها بالشباك الجانبي من الجهة اليسرى للمرمى، ورد كرار جاسم بكرة رأسية على يمين المرمى (75). وظهر الإرهاق على لاعبي المنتخب العراقي فكانت مبادراتهم الهجومية غائبة تماماً في ربع الساعة الأخير فيما حاولوا فقط منع الكوريين من التقدم والتسجيل، ولم يكونوا السبب الوحيد في عدم اهتزاز شباك نور صبري لأن خطورة منافسيهم لم تكن بالدرجة المطلوبة. وأنقذ نور صبري مرماه من هدف في الدقيقة الرابعة من الوقت الإضافي الأول إثر كرة قوية من لي تشون سو من حدود المنطقة. وكاد المنتخب العراقي يسجل هدفاً ثميناً خلافاً للمجريات وذلك في الدقيقة الأخيرة من الحصة الإضافية الأولى حين رفع مهدي كريم كرة من الجهة اليمنى أبعدها الحارس وون جاي فتهيأت أمام هوار محمد أعادها باتجاه المرمى ارتطمت بالقائم الأيمن وتابعت طريقها في اتجاه المرمى لكن المدافع كيم جين كيو كان في المكان المناسب لانقاذ الموقف. وأرسل لي تشون سو كرة من ركلة حرة على بعد نحو عشرين متراً علت العارضة بقليل (111).
ونشط العراقيون في الدقائق الأخيرة، فتقدم هوار محمد لمتابعة كرة قريبة من داخل المنطقة ومن دون أي رقابة لكنها مرت أمام المرمى مباشرة (113)، ثم أكمل أحمد عباس بديل كرار جاسم كرة من ركلة ركنية من الجهة اليمنى برأسه بين يدي الحارس (117). وهو التبديل الوحيد الذي أجراه فييرا رغم الإرهاق الذي بدا على لاعبيه.