ستة منتخبات عربية سجلت حضورها في نهائيات كأس آسيا الرابعة عشرة لكرة القدم المقامة في أربع دول للمرة الأولى، أربعة منها عادت أدراجها بعد الدور الأول، واثنان فقط تكفلا بحمل الراية إلى ربع النهائي هما السعودي والعراقي.
نسبة الحضور العربي في دور الثمانية تدنت عن النسخة الماضية من ثلاثة منتخبات إلى اثنين، كما أن الحضور العربي في النهائيات كان أقل أيضاً، إذا شاركت ستة منتخبات بدلا من ثمانية.
وقياساً على أداء المنتخبات العربية الستة في البطولة، بدا أن منتخبات الإمارات وقطر وعمان والبحرين التي ودعت من الدور الأول لم تكن مجهزة بالأسلحة اللازمة للصمود أكثر في البطولة والابتعاد فيها إلى أدوار متقدمة.
ولم تقدم المنتخبات الأربعة عروضاً ثابتة في مبارياتها الثلاث، وافتقد بعضها الجهوزية الفنية والبدنية، والأهم القدرة التنافسية بمواجهة منتخبات تلعب بمستوى مختلف وبإيقاع سريع.
فالروح القتالية كانت أهم سلاح لمنتخبي البحريني والأردن في نهائيات الصين قبل ثلاثة أعوام، فالأول تميز بعطائه ووصل إلى نصف النهائي قبل أن يخسر بصعوبة بالغة أمام اليابان التي سجلت هدفين في الثواني الأخيرة، وكانت اجتازت الثاني بركلات الترجيح في ربع النهائي 4 -3 بعد تعادلهما في الوقتين الأصلي والإضافي 1 -1
وافتقد المنتخب البحريني هذه المرة ميزته بأدائه الجريء رغم أن التغييرات التي طرأت على تشكيلته تعتبر طفيفة، ولم يحدث اللاعبون المجنسون وخصوصا فوزي عايش وجيسي جون فارقا ملحوظا في صفوفه.
صانع ألعاب المنتخب البحريني محمد سالمين كان الغائب الأبرز عن التشكيلة بسبب الإصابة، وقد شارك لدقائق معدودة فقط.
فبعد أكثر من سبعة أعوام من العروض الجيدة عربياً وخليجياً وآسيوياً وأيضاً في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، يبدو أن التشيكلة البحرينية وصلت إلى أقصى ما يمكن تحقيقه، خصوصاً مع تقدم بعض لاعبيها في السن وخصوصاً الخطير طلال يوسف الذي بلغ الثالثة والثلاثين.
وحتى المهاجم القناص علاء حبيل، الذي تشارك مع الإيراني علي كريمي بصدارة الهدافي في الصين برصيد خمسة أهداف لكل منهما، كان بعيداً جداً عن مستواه ولم يشكل خطورة تذكر.
خلاصة المشاركة البحرينية، بغض النظر عن الخسارة الثقيلة أمام السعودية صفر-4 أمس في ختام الدور الأول، جاءت على لسان مدرب المنتخب التشيكي ميلان ماتشالا الذي قال بكل وضوح: (من الصعب على دولة صغيرة مثل البحرين أن تجد بدلاء جيدين للجيل الحالي).
وأضاف: (هذا الجيل قدم نتائج ممتازة للكرة البحرينية لكن يجب علينا اعتبارا من الآن البحث عن لاعبين جدد بينهم أفراد من المنتخب الأولمبي ليكونوا مستقبل الكرة البحرينية).
أما المنتخب الإماراتي الذي حقق أول إنجازاته مطلع العام الحالي بإحرازه لقب بطل الخليج، فواجه ظروفا صعبة في المباراة الأولى ضد فيتنام إذ تعرض إلى ظلم تحكيمي وخسرها صفر-2، لكنه لم يقدم المستوى المتوقع منه طوال الدقائق التسعين، كما أنه كان دون التوقعات أمام اليابان (1 -3 ) خصوصاً في الشوط الأول، قبل أن يحقق فوزاً معنوياً على قطر في الجولة الثالثة 2 -1 جاء بعد فوات الأوان.
صحيح أن المدرب الفرنسي برونو ميتسو كان اعتبر كأس آسيا محطة للإعداد لتصفيات كأس العالم المقبلة، لكن المشاركة في بطولة قارية مهمة كانت تقتضي تحضيراً أفضل خصوصاً أن المنتخب يضم عدداً من اللاعبين الموهوبين أمثال إسماعيل مطر وأحمد الشحي وأحمد مبارك وغيرهم.
المنتخب القطري بدوره فشل في تحقيق أفضل من الدورة الماضية عندما خرج من الدور الأول أيضاً، فكان أفضل نسبياً من السابق لكن ليس بدرجة كافية لمتابعة المشوار إذ لا يمكن التأهل من دون تحقيق فوز واحد على الأقل.
كانت النتيجة الأبرز لقطر تعادلها مع اليابان 1 -1، لكن العامل المؤثر في خروجها من دائرة المنافسة تمثل بإهدارها نقطتين أمام فيتنام (1 -1 )، لأن الضغط كان كبيراً على لاعبيها في مواجهة الإمارات (1 -2 ).
وبقي المنتخب العماني يدور في الدوامة ذاتها، فيركض اللاعبون جيداً ويقدموا بعض اللمحات الفنية ثم يودعون من دون إنجازات تذكر. ففي الصين، قدم العمانيون كرة قدم جميلة لكن ذلك لم يسعفهم كثيرا لتخطي الدور الأول، وفي بانكوك، كانت البداية أكثر من جيدة بتعادل مع استراليا كان أقرب إلى الفوز، لكن عدم الاستقرار في المستوى أوقعهم ضحية أمام تايلاند (صفر-2 ) رغم أن لسان حال اللاعبين العمانيين كان قبل انطلاق البطولة (أننا نلعب معا منذ أعوام ونعرف إمكاناتنا جيداً ما انعكس انسجاماً تاماً في التشكيلة).
السعودية والعراق
إن أهم ما تميزت به المشاركة العربية في البطولة حتى الآن كان بروز تشكيلة سعودية جديدة بمعظم أفرادها ونجاحها في كشف إمكانياتها الفنية في المباريات الثلاث التي خاضتها.
ونجحت توليفة المدرب البرازيلي هيليو سيزار دوس انجوس حتى الآن رغم الانتقادات الشديدة التي حاصرته منذ بدء مهمته مع المنتخب السعودي قبل نحو شهر ونصف الشهر خصوصاً بعد استبعاده لاعبين دأبوا على تمثيله في الأعوام الأخيرة ومنهم المدافع حمد المنتشري.
ولا يقتصر تألق اللاعبين السعوديين على مركز بعينه، فالحارس ياسر المسيليم كان جيدا، ووليد عبد ربه بديل المنتشري وأحمد الهوساوي كانا على قدر المسؤولية أيضاً رغم بعض الأخطاء، فضلاً عن عبد الرحمن القحطاني وسعود كريري وخالد عزيز وأحمد الموسى في الوسط، فضلا عن القناص ياسر القحطاني والسريع مالك معاذ والبديل الناجح سعد الحارثي في الهجوم.
ولمس مدربو معظم المنتخبات المشاركة قوة التشكيلة السعودية الجديدة وفنيات لاعبيها العالية، حتى ان اللاعبين السعوديين أنفسهم معجبون بطريقة أدائهم، فيقول ياسر القحطاني: (لم أكن أتوقع هذا الفوز العريض على البحرين بالطبع لكننا قدمنا أفضل مستوياتنا أمامها)، مؤكدا (الحضور الفني اللافت لزملائه)، لكنه اعتبر أن (المحك الرئيسي في المباريات المقبلة وإن على (الأخضر) أن يؤكد علو كعبه بدءاً من الآن). حتى أن أنجوس نفسه أعرب عن ارتياحه للأداء الذي يقدمه اللاعبون.
وانجوس هو المدرب البرازيلي الثالث الذي يقود المنتخب السعودي في نهائيات كأس آسيا، بعد كارلوس البرتو باريرا (أحرز معه اللقب عام 1988 )، ونيلسينيو (خسر نهائي عام 1992 أمام اليابان).
أما المنتخب العراقي فيمتاز بروح لاعبيه القتالية التي تضاف إلى فنيات جيدة لعدد منهم خصوصاً نشأت أكرم وهوار محمد ويونس محمود، فكان اجتياز المحطة الأولى منطقيا بالنسبة لهم لتكرار إنجاز الصين، لكنهم يأملون بالابتعاد أكثر هذه المرة خصوصاً أن الفارق شاسع جداً بين الصين وفيتنام.
فعام 2004، خسر العراق ربع النهائي أمام الصين على أرضها وبين جماهيرها صفر-3، لكن هذه المرة يمكن القول إنه يستضيف فيتنام الأقل شأناً من الصين في بانكوك حيث خاض مبارياته في الدور الأول، وهو بالتالي مرشح لبلوغ نصف النهائي.