مهام عديدة بانتظار الأطراف التي يفترض أنها ستشارك في مهمة السلام القادمة، بعد أن اتضحت بعض من ملامح المؤتمر الدولي للسلام الذي دعا إليه في منتصف الأسبوع الجاري الرئيس الأمريكي جورج بوش، وتتناول تلك المهام، على الصعيد العربي قدراً من التنسيق من أجل الإفادة إلى أقصى حد من هذه الفرصة الجديدة لصالح تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
فقد تم الإعلان حتى الآن عن موعد فضفاض هو الخريف المقبل للمؤتمر، دون تحديد ليوم معين، وأعلنت واشنطن بعد دعوة بوش أن المؤتمر سيعقد برئاسة وزيرة خارجيتها وعلى الأرض الأمريكية، وتلك مؤشرات على جدية السعي لعقد اللقاء، كما يفهم ضمناً أن هذه التحضيرات للزمان والمكان لا بد وأن تكون صاحبتها أجندة أمريكية وتصورات لكيفية سير العمل من الآن وحتى انعقاد المؤتمر، غير أن المتاح هو أن الوزيرة الأمريكية ستقوم بجولة في المنطقة لها علاقة بالمؤتمر، أما فيما يتصل بالأجندة الأمريكية للمؤتمر ذاته فقد كشف بعضاً منها بوش في خطابه الأخير حيث أشار إلى إنهاء الاحتلال وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة، مع تنويهه إلى أن يشمل السلام موضوع القدس والتفاوض حول مشكلة اللاجئين.
وفي الجانب العربي هناك التزام قوي بمبادرة السلام العربية التي جرى تأكيد التمسك بها في القمة العربية الأخيرة بالرياض، فهي تشكل إجماعاً عربياً يستوجب عملاً متصلاً للحفاظ عليها وتقديمها كتصور عربي واقعي لسلام شامل يمكن أن يؤدي لاستقرار حقيقي، حيث إن المبادرة تبين بوضوح أن العلاقات بين جميع الدول العربية وإسرائيل تأتي كنتيجة منطقية لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م.
ويبدو إلى ذلك جاهزية العرب للعمل وفقاً لرؤية واضحة، ومن المهم أن تترسخ هذه الحالة الإيجابية بأخرى في الجانب الفلسطيني المنقسم على نفسه في الوقت الراهن، فالمطلوب أن يتوحد الصف الفلسطيني لتعزيز الصف العربي الموحد أصلاً تجاه المبادرة، حتى وإن كان الموقف الفلسطيني يندرج ضمن الرؤية العربية.
ولن تفيد كل هذه المعطيات إذا ظلت العقلية الإسرائيلية على حالتها العدوانية المتسلطة التي تنظر إلى السلام على اعتبار أنه ترسيخ لحالة الهيمنة العسكرية لها، فحديث الرئيس الأمريكي عن دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للعيش يصطدم بحقائق التقسيم الذي أنجزته إسرائيل على أراضي الضفة الغربية وسورها العازل الذي يتلوى في أنحائها فضلاً عن الكيانات الاستيطانية الكبرى التي أحالت الضفة إلى ما يشبه الجزر المتقطعة غير المتواصلة وغير القابلة للحياة.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244