أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع على صعود قوي رابحاً حوالي 282.7 نقطة أو ما يعادل 3.94%، وهو مسار صاعد افتقده المؤشر منذ فترة ليست قصيرة. ومع ذلك، فلم تسد السوق تلك الروح التفاؤلية التي كانت تسوده من قبل مع كل صعود، حيث تعامل معظم المتداولون مع هذا المسار الصاعد ببعض اللامبالاة، وهي سمة تسود السوق لأول مرة، وهو الأمر الذي يثير التساؤلات حول أسباب ذلك... هل هي فقدان الأمل في استمرار هذا المسار الصاعد؟ هل هي الاكتتابات التي تتجدد أسبوعياً؟ أم أن التذبذب ما بين صعود وهبوط من يوم لآخر هو ما عزا بالمتداولين لعدم الثقة في المؤشر؟ ومن جانب آخر، فقد بدأ هذا الأسبوع الاكتتاب في شركة المملكة القابضة والتي تحدثت بعض التقارير الصحفية عن وجود مؤشرات أولية تدلل على بعض الفتور في إقبال المواطنين عليه. ولا تزال مبررات هذا الفتور المبدئي غير مرئية، هل هي مبررات ترتبط بطبيعة الشركة أم مبررات ترتبط بصغر حجم نسبة الطرح من قيمة الشركة أم غيرها؟ وإذا كان الأمر يبدو أنه مرتبط بشركة وحيدة، فإنه قد لا يبدو كذلك بنظرة عميقة للسوق ككل، حيث إنه يثير تساؤلات عديدة حول تأثير نسبة الطرح المحددة في المملكة القابضة على السوق والمؤشر مستقبلاً وكيف ستُحسب وكيف سيتم التعامل معها؟ بل بدأت تثار تساؤلات أخرى حول مصير السوق إذا أصيب أي اكتتاب بكبوة؟ ويمكن تجاوز هذه المرحلة بالعديد من التساؤلات التي بات يثيرها المتداولون في السوق أنفسهم حول حدود تدخل المؤسسين أو مجالس إدارة الشركات المطروحة في تحريك أو إنعاش حركة الاكتتاب على أسهم شركاتهم؟ أو بمعنى آخر ماذا لو فقدت شركة معينة إقبال المكتتبين عليها؟ هل يمكن (بشكل غير مباشر) أن تغطي ولو ظاهرياً نسبة من الاكتتاب بشكل تشجع المزيد من الأفراد على الاكتتاب عليها؟ وهل تمتلك الشركات القدرة على دفع فئات معينة من الأفراد للاكتتاب فيها خلال الأيام الثلاثة الأولى بما يشجع الآخرون على الاكتتاب فيها أيضاً؟ وهل اقتربت هيئة السوق من إقرار مشاركة الأجانب في عملية الاكتتابات؟ وما هو مصير السوق إذا فشلت أي عملية اكتتاب في الوقت الحالي؟
مسار مضطرب ولكنه
أسبوعي صاعد
افتتحت حركة التداول هذا الأسبوع على صعود قوي ربح فيه المؤشر حوالي 146.8 نقطة يوم السبت، تلاه هبوط خسر فيه المؤشر 3 نقاط، ثم هبوط ثانٍ يوم الاثنين خسر فيه المؤشر 77.4 نقطة، ثم ارتد يوم الثلاثاء ليربح من جديد 58.2 نقطة، واستكمل مساره الصاعد يوم الأربعاء ليربح 158 نقطة. أي أن المؤشر بإغلاقه يوم الأربعاء عند 7451.4 نقطة يكون قد ربح حوالي 282.7 نقطة أو ما يعادل 3.94%.
أسبوع السيولة المدعومة
من الأمور التي تثير الانتباه هذا الأسبوع تلك الطفرة التي طرأت على حجم السيولة اليومية المتداولة والتي ارتفعت فجأة من مستوى 4.9 مليار ريال يوم الأربعاء الموافق 4 يوليو إلى 8.4 مليار ريال يوم السبت الموافق 7 يوليو، أي أن السيولة ارتفعت بمقدار يناهز الضعف. بل أن الأمر الأكثر إثارة هو استمرار مستوى هذه السيولة على هذا الحال خلال كامل أيام هذا الأسبوع ما بين 7 إلى 10 مليارات ريال. ورغم الشائعات حول توقع نتائج أعمال قوية لسابك، إلا إن ذلك يرتبط بسابك وحدها، فكيف ارتفعت أسهم القطاع الزراعي على سبيل المثال وما هي محفزاتها؟ لا يوجد سبب منطقي سوى رغبة أحد أو بعض الصناع في إضفاء روح تفاؤلية على السوق والمتداولين بإنعاش حركة التداول... ولكن من هم؟ وما هي أغراضهم؟ وهل سيستمر هذا الوضع؟ وإلى متى؟
سابك القناة الشرعية
لتحريك السوق
عادت من جديد سابك لتطرح نفسها على خريطة السوق والمؤشر، حيث ارتفع السهم بنسبة 5.5% يوم الأربعاء تحت اعتبار توقع نتائج أعمال قوية للشركة عن الربع الثاني من هذا العام. ووصل الأمر إلى أن بعض المحللين يؤكدون أن عملية الشراء والتجميع في السهم هي عملية حقيقية وأن السيولة هي سيولة استثمارية. ولكننا نتساءل صفقات سابك وأوضاعها المالية ليست وليدة هذا الأسبوع ونتائج أعمالها ليست جديدة، بل هل يعقل أن يتم التجميع في سهم سابك بعد ارتفاع سعره من 109 إلى 118 ريالاً؟ إن تبرير الصعود بنتائج أعمال سابك إنما هو أمر مفتعل ولا ينبغي التعويل عليه كثيرا. وإنما التفسير المنطقي هو أن مساراً صاعداً تم استحثاثه من قبل صناع السوق. ولعل هؤلاء الصناع الذين رغبوا في تقديم هذا المسار الصاعد يعلمون جيداً أن سابك ربما تمثل السهم الوحيد القادر على تحريك السوق سريعاً وككل.
هل لاكتتاب المملكة القابضة دور في تكوين هذا المسار الصاعد؟
البعض فسر هذا المسار الصاعد القوي بأنه جاء في هذا الوقت بدعم غير مرئي لتعزيز عملية الاكتتاب الجاري في المملكة القابضة... فعنصران غير خافيين هذا الأسبوع.. هما الصعود القصري للمؤشر والحملة التسويقية الدعائية الكبيرة للترويج للشركة الضخمة. ولكن تجارب السوق تشير إلى أنه عند انتهاء السبب أو المبرر الوقتي لأي صعود مؤقت للمؤشر يعود المؤشر ليس لمواضعه السابقة ولكن في الغالب لمواضع أسوأ منها. لذلك، فينبغي الحذر من التعامل مع هذه الموجة الصاعدة الجديدة والتي تحدث في ظل عدم وجود محفزات ظاهرة أو قوية يمكن توقع تفاعل المؤشر معها، بل على العكس في ظل نتائج أعمال ليست مرضية لأهم قطاع بالسوق وهو القطاع البنكي.
سوق ما بعد كيان
بتتبع حركة الأسهم الجديدة المدرجة في السوق خلال العام الأخير، يمكن لأي متتبع للسوق أن يلحظ أمراً غريباً، يتمثل في طفرات سعرية غير عادية لكافة الأسهم التي أسستها شركات خاصة أو عائلية، في المقابل تلاحظ ركوداً سعرياً قوياً في الشركات الحكومية أو العامة. فشركات ينساب وإعمار ومؤخراً كيان جميعها لم تنل حظاً من الصعود أو استقرت سريعاً عند مستويات سعرية متدنية، كان آخرها وأكثرها إثارة سهم كيان الذي استقر منذ اليوم الخامس لتداوله عند 12 ريالاً. في المقابل أسهم الفخارية والعبد اللطيف والبابطين والحكير والبحر الأحمر، وأخرى نالتها طفرات سعرية وصلت إلى 1000% تقريباً، بل وصل إلى أعلى من ذلك لبعض أسهم القطاع التأميني، حيث وصل سعر ساب تكافل إغلاق الأربعاء إلى 127 ريالاً. أيضاً من الملفت للنظر أن حجم الطفرات السعرية لأسهم الشركات العامة الأخيرة بات صغيراً جداً. إن تفسير كل ذلك يصب في بوتقة الإعداد لعصر جديد تقترب فيه أسعار الأسهم، وبخاصة القيادية والمؤثرة في السوق من مستوى قيمها الاسمية.
استمرار سياسة تبديل المراكز بين الأسهم القيادية
قد يكون من الصعب تصديق أن الأمر يسير تلقائياً أو عشوائياً بالنسبة لتبديل المراكز بين الأسهم القيادية بعضها البعض من ناحية، وفيما بين الأسهم القيادية وبعض الأسهم غير القيادية من ناحية أخرى. فإذا كنت غائباً عن السوق السعودي لفترة لمدة عام، قد لا تصدق أن سهم الراجحي يتداول الآن 74.25 ريالاً والاتصالات 61.25 ريالاً، في حين يتداول سهم سابك بسعر 125 ريالاً أما الكهرباء بسعر 11.25 ريالاً. هذا الوضع يعكس سياسة قد تكون ليست عشوائية للوصول إلى هذا الوضع من وضع قديم مغاير تماماً كان سهم الراجحي يتداول بسعر يزيد عن 750 ريالاً، في حين كانت سابك تتداول بسعر 350 ريالاً، والاتصالات بسعر يزيد عن 250 ريالاً والكهرباء بسعر 53 ريالاً. إن هذه التغيرات لا يمكن قبول عشوائيتها، ولكن يمكن القول بأن أموراً كثيرة قد مهدت لحدوثها.
الاكتتابات في الطريق
أعلن اتحاد شركة الاتصالات المتنقلة (إم تي سي) عن طرح نسبة 40% من أسهم شركة الاتصالات المتنقلة السعودية المشغلة للرخصة الثالثة للهاتف النقال بعد شهر رمضان المقبل ما يساوي نحو 650 مليون سهم بسعر 10 ريالات للسهم الواحد بدون علاوة إصدار. كذلك صدرت تقارير تشير إلى أنه من المتوقع أن يتم طرح 30% من أسهم مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية للاكتتاب العام سيتم في أغسطس المقبل. ورغم أن هذا الإعلانات مطلوبة كنوع من الشفافية ورسم صورة المستقبل أمام المتداولين في السوق، إلا إنه في نفس الوقت يصب في بوتقة تزايد الخوف والقلق من استمرار الاكتتابات، وبالتالي توقع استمرار الضعف في السيولة، وبالتالي استمرار الأداء الضعيف للسوق ككل.
ضعف نتائج الأعمال
القطاع البنكي
أعلنت هذا الأسبوع عدد من البنوك عن نتائج أعمالها، حيث حقق مصرف الراجحي أرباحاً صافية بلغت 1.61 مليار ريال عن فترة الربع الثاني من العام الجاري 2007، بانخفاض 9.3% عن الفترة المقابلة من العام الماضي. كما أعلن البنك البريطاني (ساب) عن انخفاض أرباحه الصافية بنسبة 22.8% عن الربع الثاني من العام الجاري 2007، لتسجل نحو 635 مليون ريال. وقد تسببت هذه النتائج الضعيفة عن ضغوط كبيرة على مسار واتجاه المؤشر خلال يومي الاثنين والثلاثاء من هذا الأسبوع.
ألا تجد هيئة السوق بديلاً شرعياً لتداول الأسهم المعلقة؟ وهل تقبل بالسوق السوداء ؟
إن الحديث بسوق سوداء لأسهم إنعام وبيشة ليس أمراً جديداً بل يقال أنها بدأت منذ فبراير الماضي عندما تأكد حاملوهما من احتمالات تأخر فك هذه التعليقات في أسهمهم. إن وجود السوق السوداء لن نقول لشراء هذه الأسهم ولكن لبيعها فقط إنما هو أمر خلقته الحاجة إلى السيولة، فلا يمكن أن يتصور أحد أن يُحكم بتجميد سيولته لفترة تناهز الآن خمسة أشهر. بالطبع هو أمر صعب وقد يستدعي منه السعي لبيع السهم أو التخلص منه بأي ثمن مقابل الحصول على السيولة. وبعيداً عن كافة التفاصيل المرتبطة بالخلافات ما بين الشركتين وهيئة السوق أو وزارة التجارة نتساءل: من يتحمل المسئولية عن الإيقاف وعدم إيجاد الحل حتى هذه اللحظة؟ وإذا كان الأمر صعباً ومعقداً.. لماذا هيئة السوق حتى الآن لم تُوجد بديلاً شرعياً ليس للتداول الحر لهذه الأسهم ولكن لتحريك السيولة المجمدة للمتداولين فيها؟ إن بعض أسواق المال المجاورة تمتلك آليات وقنوات شرعية يمكن أن يكون فيها الحل لهذه المشكلة.
محلل اقتصادي ومالي
Hassan14369@hotmail.com