قال تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} (البقرة: 17).
(مثلُهم) مبتدأ، والخبر كما في الجمل: الجار والمجرور (كمثل) وأجاز ابن عطية............
وأبو البقاء أن تكون الكاف اسما هي الخبر، وهو مذهب الأخفش، أما سيبويه فلا يقول باسميتها إلا في الشعر، قال: والذي ينبغي أن يقال: إن كاف التشبيه لها ثلاثة أحوال:
1- وجوب كونها اسما، وذلك إذا كانت فاعلا أو مجرورة بحرف أو إضافة.
2- وجوب كونها حرفاً، وهي الواقعة صلة، نحو جاء الذي كزيدٍ، فقوله (كزيد) شبه جملة متعلق بمحذوف هو المكون لجملة الصلة، ولو اعتبرت الكاف اسما، لصار التقدير (الذي مثلُ زيد)، وهو لا يصلح أن يكون صلة.
3- جواز الأمرين، وذلك غير ما سبق، نحو زيد كخالدٍ.
والوجه في الآية الكريمة أن المثل هنا بمعنى القصة، والتقدير: مثلُهم كقصة المستوقد، فهي ليست زائدة.
* ومن أمثلة مجيء الكاف اسماً، من الشعر قول الأعشى:
أتنتهون، ولن يَنهَى ذوي شططٍ
كالطعن يذهب فيه الزيت والفُتُلُ
(أي لا ينهى أصحابَ الجور مثلُ طعن جائف، أي نافذ إلى الجوف، يغيب فيه الزيت والفتُل).
وقول امرئ القيس:
ورُحنا بِكَابْنِ الماء يُجنَب وسْطَنا
تصوَّبُ فيه العين طورا وترتقي
يقول: رجعنا بفرس كابن الماء، خفة، وحسنا، وطول عنق، وهو مجنب، أي يقاد فلا يركب، (ابن ماء = طير ماء) أراد: مثلُ الطعن، وبمثل ابن الماء.