لم يكد الأسبوع ينتهي حتى ضرب الإرهاب الدولي في ثلاثة مواقع في أوروبا والشرق الأوسط، وفي الأفق مزيد من الأخطار في إشارة واضحة إلى أن صيفا ساخنا ينتظر العالم والمنطقة بشكل خاص.. فقد جاء انفجار صنعاء الدامي ليؤكد مجددا أن تنسيقا ما يجري بين جماعات الإرهابيين لتفجير الأوضاع في أكثر من منطقة وللتذكير بأن مراكز الإرهاب الكبرى ما زالت نشطة رغم الجهد الدولي.. وفي حقيقة الأمر فإن ما يحدث يشير بوضوح إلى أن العمل الدولي المشترك لا يزال بعيدا عن هدف ملاحقة الجماعات الإرهابية أو حشرها في زاوية ضيقة مثلما هو مؤمل.. ولعل توقيت الهجمات في لندن وغلاسكو ببريطانيا، فضلا عن إسبانيا (حيث تم تفجير قنبلة بأحد مطاراتها) إضافة إلى اليمن يشير إلى أن ثمة علاقة ما بين هذه التفجيرات وإلى محاولة واضحة لإرباك الأجهزة الأمنية ربما للتحضير لهدف كبير من خلال إشغال أجهزة الأمن في مختلف الدول بتفجيرات قد تكون محدودة الأثر رغم دمويتها وبشاعتها خصوصا انفجار اليمن ضد السياح..
وفي كل الأحوال تبدو الحاجة ماسة إلى جهد دولي مخلص ومكثف لمحاصرة هذه الأحداث التي تأتي في ذروة حراك دولي واسع للناس يتمثل في موسم الصيف والإجازات في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ما يعني وجود تجمعات أكبر للناس قد تكون جاذبة لمن يستهدف التسبب في مجازر جماعية..
ومع هذه الهجمات الدامية، وتلك التي أمكن النجاة منها، تتواصل على مسرح المنطقة أحداث مروعة في فلسطين ولبنان والعراق، ما يؤكد مجددا أن تبريد المناطق الساخنة يبدو أمرا حتميا إذا أريد كسب المعركة ضد الإرهاب، فهذه المشكلات كلها تعتبر ذات أثر مباشر في القلاقل التي تحدث في مختلف أنحاء العالم بسبب تشعباتها الدولية وعلاقات أطراف عديدة بها. وبسبب التباين في المواقف وعدم الجدية في مواجهة هذه الصراعات فإن إفرازات وخيمة تظل تتواتر مؤكدة أن المحاولات الجارية للتسوية ينبغي أن تنطلق من أسس تتيح لها النجاح، كما أن المعالجات القاصرة والإصرار على تنفيذ سياسات وفقا لتصورات ذاتية ضيقة لا تسهم حقيقة في وضع نهاية للكثير من النزاعات.. ويشل الحرب ضد الإرهاب ويقعد بها الافتقار إلى سياسات موحدة تجاهه بسبب التباين في تفسير مصطلح الإرهاب.. بالطبع فإن للإرهاب تصوراته وأهدافه ووسائله، وهو في كل دولة يكتسب خصائص معينة وأهدافاً قد تكون مختلفة، ومع ذلك فإن ثمة تياراً رئيسياً يبدو أنه يعمل بصورة متناسقة تبرز بوضوح في هذه التفجيرات المتزامنة وفي عدة دول، وتجاه هذا التيار ينبغي أن تتركز المحاولات الدولية المشتركة بسبب الطابع الدولي لحركته..
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244