في المواجهة ضد الإرهاب تبرز عدة أدوار ومهام، وبين كل هذه تأتي بالضرورة عملية التوعية كجهد مهم ويتخذ أشكالاً شتى ويتطلب جبهة عريضة تشمل علماء الدين مع دور إعلامي فاعل، غير أن هذه المهمة لا تستثني حتى المواطن العادي باعتبار أن الإرهاب يستهدف الجميع ومكتسباتهم، وفي الوقائع الماثلة أمامنا دلائل حية على الدماء التي سالت من الجميع أطفالاً ونساءً كباراً وصغاراً.. سمو وزير الداخلية في مخاطبته مجلس الشورى حول الإرهاب أشار إلى دور مهم يضطلع به العلماء بهذا الصدد، خصوصاً وأن الحرب على الإرهاب ليست معركة عابرة وإنما هي مواجهة طويلة الأمد تستوجب ما يقابلها من ترتيبات على ذات المدى الطويل بما في ذلك الحوار وعمليات التوعية ودحض ودحر الدعاوى الباطلة التي يستند إليها الإرهابيون.. لقد أدت الأجهزة الأمنية دوراً مهماً في هذا المجال وقدمت الشهداء في سبيل حماية المجتمع من هذه الأخطار، وقد أشار الأمير نايف إلى إحباط 180 عملية إرهابية كانت تكفي عشر بالمائة منها لإنزال كارثة بالبلاد، وقد رأينا كيف استهدف الإرهابيون معامل أبقيق لتكرير النفط وهي من المنشآت الأكبر من نوعها في العالم، وكيف كان سيكون الحال لو نجح هؤلاء في تنفيذ هدفهم، لقد انطوت تلك العملية على الكثير من المخاطر، وكنا أمام كارثة محققة على الصعيدين المحلي والعالمي نظرا للأهمية الإستراتيجية لتلك المنشأة في المملكة ودورها الهام والحيوي في الإمدادات النفطية العالمية، غير أن إرادة المولى عزَّ وجلَّ شاءت تجنيب البلاد الكارثة بفضل يقظة رجال الأمن وانتباهتهم. لقد عودنا الإرهاب أنه يظهر بين الحين والآخر، ولهذا فإن التحسب للأخطار أمر لازم، وهذا ديدن الأجهزة الأمنية، غير أن عمليات التوعية ينبغي أن تكون متواصلة ومستمرة باعتبار أن التآمر مستمر، وأن الذين يختفون لبعض الوقت حالما يظهرون بمؤامراتهم التي تستهدف أمن البلاد والعباد.. ونعرف أنه تجري الآن عمليات نصح وإرشاد متواصلة مع الذين وقعوا في براثن هذه الآفة، وأن الكثيرين أعلنوا توبتهم بعدما أحاطوا بأبعاد المنزلق الخطير الذي تردوا إليه، على أننا نعلم في ذات الوقت أن التدبير التآمري يتواصل وأن الجهد التوعوي المبذول يقابله من جانب آخر نشاط للتغرير بالشباب والإيقاع بهم وشحنهم بما يدفع بهم إلى ساحات الإرهاب وعملياته الدموية، ولهذا فإن تعزيز الجهود الوقائية يصبح أمرا لازماً من خلال الحوارات التي أشرنا إليها التي تدحر تلك الأفكار الشاذة، وتعيد المارقين إلى نهج الوسطية السليم والمعافى والمبرأ من الشبهات، وهذا جهد مطلوب طوال الوقت لترسيخ مبادئ الإسلام الصحيح في الأذهان.. الإسلام الذي ينأى بنفسه عن القتل والسحل وسفك الدماء.. إن المهمة إسلامية ووطنية وهي مهمة إنسانية أيضاً باعتبار الأبعاد الدولية التي يعمل من خلالها الإرهاب.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244