كل أسرة سعودية تقيم في مسكن لاتملكه تلتزم بدفع إيجار نصف سنوي إلى المالك مهما كان مصدر هذا الإيجار ( من راتب الزوج أو مرتبات الزوج والزوجة أو موارد أخرى) ذلك بأن من يتخلف عن السداد سيجد ..
نفسه خارج المسكن خصوصاً أن الإجراءات الجديدة تتعامل بحزم مع المتخلفين عن السداد لكيلا يعزف المستثمرون العقاريون عن الاستثمار في مجال العقار الاستثماري.
أحد الاستشاريين في القطاع المالي يقول إن تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة سيحظى بقاعدة صلبة لأن المستأجرين في ظل النظام الحالي ملتزمون بدفع إيجارات لمنازل لا يملكونها، وبالتالي فإنهم سيكونون أكثر التزاماً بدفع الأقساط الشهرية لمنازل سيمتلكونها من خلال نظام الرهن العقاري إذا تم تطبيقه.
الأرقام تقول إن نسبة تملك المساكن في المملكة انخفضت من 80% إلى 50% وهي مرشحة للمزيد من الهبوط في ظل المعطيات الحالية وأن أزمة إسكانية أخذت تطل برأسها منذ عام وأنها مرشحة للتفاقم ما لم يتم التعامل معها بحلول ابتكارية.
أعتقد أن الحل الأمثل والأسهل يتمثل بإيجاد آلية تمكن المواطن من رسملة الإيجارات التي يدفعها حالياً إلى غير رجعة، وإذا علمنا بأن المؤجر لا يسأل المستأجر عن راتبه وراتب زوجته والتزاماته المالية مع الدولة أو مع القطاع الخاص عند إبرام عقد الإيجار وعلمنا بأن المواطن يلتزم بدفع الإيجار مهما كانت ظروفه إلا فيما ندر من الحالات، أقول إذا علمنا كل ذلك فأعتقد أن علينا أن نسارع في تمكين المواطن من الحصول على المسكن الملائم بقسط شهري يقارب قيمة الإيجار الذي يدفعه حالياً إلى غير رجعة.
كل الجهات التمويلية بما في ذلك المؤسسة العامة للتقاعد تشترط ألا يكون مجموع الالتزامات الشهرية على المواطن يتجاوز نسبة الـ 30% من راتبه الشهري لكي تقرضة مبلغاً لايتعدى قسطه الشهري هذه النسبة، وهذا الشرط كافٍ لاستبعاد معظم المواطنين من فرصة الحصول على قرض إسكاني يمكنهم من رسملة الإيجارات التي يدفعونها لسنوات طويلة دون إمكانية رسملة ريال واحد منها مهما طال الزمن.
هذا الشرط الحاجز يجب أن يتم مراجعته بالتنسيق مع مؤسسة النقد بحيث يقسم مرتب الموظف بناء على متطلبات الحياة (سكن، مواصلات، معيشة، خدمات..إلخ) ومن ثم يمكن هذا المواطن من الحصول على قرض إسكاني بحيث لا يتجاوز قسطه الإسكاني الشهري نسبة الـ 30% من مجموع دخول (وليس دخل) المواطن مفرداً أو متضامناً مع زوجته أو مع أبنائه أو كليهما بغض النظر على بقية الأقساط التي يدفعها لمتطلبات الحياة الأخرى، وبهذه الطريقة نمكنه فعلاً من تحويل الإيجار إلى قسط شهري يمكنه من امتلاك المسكن الملائم كاملاً بمرور الزمن.
نعم إذا استطعنا إيجاد صيغة خاصة بالقرض الإسكاني منفصلة عن بقية القروض المتعلقة بالمواصلات والأثاث والمعيشة والكماليات والترفيه فإننا سوف نمكن المواطن من تحول تكلفة الإيجار الشهري إلى قسط شهري لمسكن سيتملكه مع الزمن، على أن تراعي هذه الصيغة حصة الإسكان المقياسية من الدخل الشهري للموظف والتي تتراوح من 25% إلى 30% من الدخل الشهري.
وقد يقول قائل إن المواطن الذي يصل راتبه لحوالي 6000 ريال سيعجز عن دفع قسط شهري بمعدل 2000 ريال شهري إذا كان لديه قسط سيارة يصل لحوالي الـ 1000 ريال، وهنا أقول إن المرتب يقسم بطريقة لا إرادية ليغطي كافة تكاليف الحياة نسبةً وتناسباً دون أن نشعر، وأن من يدفع الـ 1000 ريال قسطاً للسيارة يدفع حالياً الـ 2000 ريال شهرياً إيجاراً لشقة ليمتلكها وأن علينا أن نمكنه من تحويل هذا الإيجار إلى قسط شهري يتراكم مع الزمن ليصبح رأسمال ( وحدة سكنية مملوكة) بدل ضياعه كما الحال حالياً.
وقد يقول قائل ما الضمانات للجهات الممولة إذا تخلف المواطن عن السداد، وهنا أقول إن الضمان هو أن يطبق على المتخلف نفس قانون المتخلف عن سداد الإيجار من ناحية، وكما يمكن للدولة أن تتعاون مع الجهات الممولة بحيث تساهم في تغطية مخاطر الإقراض لكيلا ترفع الجهات الممولة نسبة الفوائد التمويلية من جهة، كما تساهم الدولة أيضاً في ضبط المتخلفين من خلال إيجاد آليات تلزم المواطن بالسداد أولاً بأول كالاستقطاع من الراتب مباشرة مثلاً، أو إيقاف ملف المتخلف إلكترونياً لحين سداد المستحقات كما هو مطبق حالياً فيمن يتخلف عن سداد المخالفات مثلاً.
alakil@hotmail.com