Al Jazirah NewsPaper Monday  02/07/2007 G Issue 12695
رأي الجزيرة
الأثنين 17 جمادىالآخرة 1428   العدد  12695
الإرهاب .. المعالجات الآنيّة والدائمة

إنّها بداية ساخنة في صيف ساخن لمهمّة رئيس الوزراء البريطاني الجديد غوردون براون، وقد وضعتْه الأحداث الجديدة في اختبار أوّلي صعب، وذكّرته مجدداً بأنّ الإرهاب لا يزال يحتل الصدارة في قائمة الاهتمامات، كما أنّ هذه الأحداث أبرزت مدى الخسائر البشرية الفادحة التي كان يمكن أن تنجم عن تفجير وسط مدينة مثل لندن، أو في مطار يعجُّ بالمسافرين في موسم سياحي. كانت الانطباعات الأولى لدى المسؤولين البريطانيين بعد حادث غلاسكو، أنّ الإرهابيين ينقلون أساليبهم الدموية عبر البحار إلى بلادهم، وهم يفترضون هنا إمكانية أن يكون الجناة أجانب، وفي ذلك إشارة إلى عالميّة هذه الآفة، وقد ثبت في حوادث سابقة عالمية الإرهاب، ما يحتِّم على الدول تكثيف تعاونها من خلال أساليب أكثر حصافة لتفادي هذه العمليات الدموية، فحتى الآن قد نجت بريطانيا من سيارتيْ لندن المفخّختين، فيما تحمَّلت غلاسكو بعض الخسائر عندما اقتحمت سيارة مشتعلة مطارها..

وفي المعالجات تكمن في الذهن دائماً أهمية التعاون الدولي لتجفيف منابع الإرهاب، وهناك بالطَّبع معالجات بعيدة المدى، ربما تكون هي الأنجع في المحاولات المستهدفة للقضاء على الإرهاب، فالإرهاب يتغذّى وينمو حيثما تتفاقم المشاكل المستعصية، ولعلّ السبيل الأوفق إلى ذلك هو الحؤول دون الانضمام إلى هذه الفرق الانتحارية، وذلك من خلال عمل متواصل لتسوية المصاعب الدولية ..

ففي مناطق العالم الملتهبة فإنّ الأساليب المستخدمة لاستئصال الإرهاب تنحو أحياناً نحواً غير موضوعي، وتأخذ الأبرياء بجريرة القتلة والمجرمين، ومن ثم فبدلاً من القضاء على الإرهاب، فإنّنا نرى جماعات جديدة تنضم إلى قوائم المتشدِّدين.

ولا يعني ذلك تأجيل الإجراءات الأمنية وسبل المكافحة حتى يمكن الوصول إلى تسويات سياسية لتلك الأزمات الساخنة في أنحاء العالم، إنّما المقصود أن لا ينصب كل الجهد على العمليات الأمنية اليومية، مع إهمال السعي لتلك التسويات المعنية، فهناك حاجة ماسة لعمل يومي ومتابعة دقيقة لاكتشاف المؤامرات التي يذهب ضحيتها في الغالب مدنيون أبرياء، وهناك ضرورة قصوى لاكتشاف الأساليب الجديدة التي يلجأ إليها الإرهابيون، لكن هناك حاجة ملحّة لابتدار حلول سياسية، من شأنها تبريد المناطق الساخنة، والسماح بتسويات تصل إلى عمق المصاعب، وتعمل على معالجتها.

إنّ عالماً خالياً من الإرهاب هو هدف صعب التحقُّق، ومع ذلك فإنّ الصعوبات والمشاكل الناجمة عن الإرهاب تستوجب التضحيات والعمل المضني الشاق، بما في ذلك مخاطبة أس المشاكل وملاحقتها في أعماقها البعيدة، وعدم ترك ثغرة ينفذ منها الإرهاب، ويتعيّن قبل كلِّ شيء اتباع منهج عادل في التسويات لا يبيح لدولة مثل إسرائيل الانفلات حيناً بعد الآخر من الالتزامات الدولية الواجبة عليها، وذلك من خلال الضغط عليها لإعادة الحقوق إلى أهلها، ومحاسبتها على هذه الجرائم اليومية المتمثّلة في القتل والتنكيل بالفلسطينيين، ومصادرة أراضيهم وتجريف مزارعهم وتدمير مساكنهم، والافتئات على حقوقهم بشكل عام.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد