الملك عبد الله بن عبد العزيز ذو هامة عالية في عالم العلاقات الدولية والمجتمع السياسي والاقتصادي الدولي، لذلك فإن الزيارات التي قام بها وانطلقت من المغرب لتشمل إسبانيا وفرنسا وبولندا ومصر والأردن جاءت في نهايتها لتصب في مصلحة الوطن المملكة العربية السعودية وتتعدى ذلك لتشمل المصالح الوطنية والقومية العليا للعالمين العربي والإسلامي، خصوصاً أنها أتاحت فتح نوافذ دولية جديدة على القضايا العربية المعاصرة، وبالذات مع دول أوروبية واعدة من الوزن الثقيل في محيطها الأوروبي سواء كان على الصعيد السياسي أو الاقتصادي كفرنسا وقيادتها السياسية الجديدة أو إسبانيا وما بدأت تحظى به بشكل مطرد من انتشار على رقعة الحدث الدولي وفي بولندا التي اتسمت العلاقة السعودية معها بلمحة إنسانية قل نظيرها في عالم اليوم وتكللت في إطلاق اسم خادم الحرمين الشريفين على مركز لتشجيع الحوار والتبادل الثقافي عرفاناً من أهالي مدينة ياني كوفو التي تنتمي التوأمتان البولنديتان إليها اللتين أجريت لهما عملية فصل ناجحة في المملكة.
لقد تكللت الحصيلة النهائية للجولة الملكية بعدة إنجازات ونجاحات على الصعيدين المحلي والعربي، فعلى صعيد العلاقات الثنائية بين المملكة والبلدان التي كانت محط رحال خادم الحرمين الشريفين ساهمت هذه الجولة بإنجاز عدة اتفاقيات اقتصادية لعبت دوراً في ربط اقتصاد المملكة العربية السعودية باقتصاديات تلك البلدان المتقدمة كإنشاء صندوق استثماري بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم الإسبان برأسمال مبدئي وصل حد المليار دولار للاستثمار في مشاريع البنى التحتية وتوقيع اتفاقية منع الازدواج الضريبي، وتوقيع عدد من الاتفاقيات الصحية والثقافية والاقتصادية مع وارسو، أما على مستوى القضايا العربية وفي ظل ما يعصف ببلدان العالم العربي من قلاقل بدءاً من العراق والسودان وفلسطين ولبنان وغيرها من القضايا العربية الشائكة، فقد ساهمت جولة خادم الحرمين الشريفين في نقل وجهة النظر العربية إلى دوائر لا تقل أهمية عن غيرها في مجال صنع القرار الدولي مع ربطها بمحطتين عربيتين للتشاور وتبادل وجهات النظر مع الإخوة العرب في شرم الشيخ والأردن، وهو الأمر الذي ليس بغريب على منطلقات ومبادئ السياسة الخارجية السعودية ومهندسها خادم الحرمين الشريفين التي لا تدّخر جهداً في المنافحة عن المصالح والمدافعة عن القضايا العربية سواء بإبداء الرأي والمشورة المستندة على العقلانية والاعتدال السعودي في اتخاذ القرارات والنظر إلى بديهات الأمور أو باستخدام الثقل السياسي للمملكة العربية السعودية في مجال العلاقات الدولية.