*«الجزيرة» - فهد العلي
قبل أن أغسل وجهي من وعثاء النوم بأحلام بيشة وإنعام المعلقتين تتسمر عيناي إلى موقع تداول كل صباح لاستقبال قرار الإفراج عنهما ليأذن الله لي بالخلاص من أسهمهما!!
عبدالعزيز السعيد قال ل (الجزيرة) ذلك حين سئل عن تجربة الخشاش بعد بيشة وإنعام... وأكد أن كثيرين ممن يشاركونه المحنة قد تابوا من تداول الخشاش، ويترقبون اكتمال التوبة بالإفراج عن أموالهم في أسهمها المعلقة!!
(الجزيرة) استقصت الأمر وسألت المحللين والمتداولين عن واقع أسهم الشركات الخاسرة، وذات الأداء المالي الضعيف بعد تجربة تعليق سهمي شركتي بيشة وإنعام ومدى تزعزع ثقة المتداولين فيهما بعد القرارات الحاسمة التي اتخذتها هيئة سوق المال تجاه الشركتين.
بسام إبراهيم قال إن أسهم المضاربة أو الخشاش كما يحلو لفريق القياديات - حسب قوله - تسميتها هي قاعدة السوق الصلبة، وهي من عوض خسائرنا في انهيار فبراير القاسي، ونحن في الحقيقة لا يهمنا الموقف المالي للشركة ولا مدى ربحيتها، وإنما السعر السوقي الذي يحقق لنا ارتفاعه عائداً مجزياً، فملكيتنا لأسهم الشركة لا تتجاوز ساعات أو أياماً على أحسن تقدير.. نحن مضاربون ولسنا مستثمرين.
أبو سعد كما وصف نفسه ل (الجزيرة) أكد أن هيئة سوق المال قد فشلت في استهداف أسهم الخشاش أو ملح السوق - كما وصفها - بتعليقها سهمي بيشة وإنعام، فقناعة المتداولين حول السهم القيادي لا ترتبط بأدائه المالي الذي لا يعني المضارب، فهذا شأن المستثمر، وإنما يتركز مفهوم القيادي لدى المضاربين في الأسهم التي تحقق أرباحاً في السوق وارتفاعات مجزية!!
تصنيف السوق
بعض المحللين والمتابعين لأحوال السوق غمزوا من قناة إن هيئة السوق المالية لن تستطيع تحويل السوق من مقامرة واندفاع دونما اعتبار إلى أداء الشركات وواقعها المالي إلا من خلال تقسيم السوق، وأشاروا إلى أن النفي الذي جاء على لسان رئيس الهيئة لا بد وأن يكون مؤقتاً لأن هذا الحل هو الأوحد لعلاج المضاربات المحمومة والسلبية على السوق والمتداولين.. وحول ذلك قال الدكتور عصام الملا رئيس المجموعة السعودية المصرية القابضة للاستثمار: من الأفضل أن يتم تقسيم السوق إلى نوعين: النوع الأول هو السوق النشطة أو جلسة التداول العادية، وتضم الأسهم القوية التي تمثل شركات ذات أداء قوي من ناحية الأرباح والأصول والعوائد، والأسهم الضعيفة، وهي ما يطلق عليها أسهم الخشاش التي تعاني من خسائر وتم استهلاك أصولها وكل عوائدها سالبة، ويتم تداول الأسهم الأولى في مواعيد التداول المتعارف عليها من الساعة الحادية عشرة حتى الثالثة والنصف، أما الأسهم الضعيفة فيتم تداولها قبل افتتاح السوق بساعة أو بعد إغلاقه بساعة... واقترح الدكتور الملا آلية عمل لهذا الفصل قائلاً: يمكن أن يتم فتح الحدود السعرية على أسهم الخشاش تماماً حتى لا يستغلها المضاربون في رفع أسعارها من دون مبرر منطقي، وأن تنحصر ساعات تداولها في ساعة واحدة فقط، موضحاً أن تصنيف السوق بهذا الشكل متبع دولياً، حيث توجد سوق خارج المقصورة OTC ويخصص التداول فيها للأسهم الضعيفة سواء من ناحية الربحية أو التي تعاني من عجز وتعثر مالي أو إداري أو تسويقي. ولهيئة سوق المال السلطات والصلاحيات الكاملة في تحديد الأسهم المتداولة في السوق الأولى أو السوق الثانية بشرط أن يتم الإعلان عن معايير التصنيف حتى يعرفها عامة المتداولين ولزيادة الشفافية في السوق المالية ككل، حيث تتم مراجعة هذا التصنيف بصورة فصلية أو نصف سنوية أو سنوية، ويمكن أن يتم تعديل الأسهم تباعاً، وانتقالها من السوق الثانية (الخشاش) إلى سوق التداول الأولى متى توافرت معايير مالية وتنظيمية وتسويقية معينة. ويقترح د. الملا أن تقوم هيئة السوق المالية بدراسة الأسواق العالمية والناشئة فيما يتعلق بالمعايير حتى تبدأ السوق عملها. هذا من حيث انتهت الأسواق المالية العالمية أو العربية، وعلى هيئة السوق أن تأخذ تجارب الأسواق الناشئة فيما يتعلق بتصنيف السوق في الاعتبار، وقال إن هيكلة السوق بهذا الوضع العالمي مع الأخذ في الاعتبار الخبرات والتجارب العالمية من الممكن أن يسهم كثيراً في تحقيق التوازن للسوق، وخصوصاً لو تم الإعلان صراحة عن معايير التقسيم للأسواق، ولا يعقل أن تتم تسوية أسهم تعاني شركاتها من خسائر كثيرة، وتأكل رأس المال مثل بيشة وأنعام بأسهم يتسم أداء شركاتها بالقوة والعالمية مثل سابك والاتصالات، وعلى إدارة السوق أن تأخذ كل المقترحات في ما يتعلق بهذا التقسيم بعين الاعتبار والدراسة، وأن تسمع لكل صوت ينادي بكل جديد، وأن تقيم ذلك تقييماً موضوعياً عادلاً حتى يتسنى تطوير السوق الذي يجب أن لا تعتمد السوق على أسلوب التجربة والخطأ في إدارته. إن تقسيم السوق هو أكثر تنبيه يمكن أن ترسله هيئة السوق المالية لأي مستثمر على أساس أنها تصنف له السوق إلى قوي وضعيف، وهذه من المهام الرئيسة لأية هيئة سوق في العالم، وحتى لا يظن المستثمرون، ولا سيما صغارهم أن عدم التمييز بين الأسهم يعني أن إدارة السوق تعطي أهمية وأولوية متساوية لكل الأسهم.
التاريخ يعيد نفسه!!
رغم أن التحليل الفني يوصف دائماً أنه قياس ظاهري للسوق وتحركاته، إلا أن الاعتقاد السائد أيضاً أنه يتبنى مقولة أو أسطورة إن التاريخ يعيد نفسه، والحاضر اليوم قد يكون الحكم والفيصل في تجربة أو تأثير إيقاف بعض الأسهم الخاسرة على تداول مثيلاتها في السوق، وفي ذلك يقول محلل فني رفض ذكر اسمه: إنه بعد تعليق أسهم شركتي أنعام وبيشة عن التداول في يناير 2007م كان لإيقافها تأثير سلبي على أداء السوق أسهم في انخفاضه، إلا أن شركات المضاربة ذات الأداء المالي السلبي عاودت الارتفاع مرة أخرى جراء عمليات المضاربة على هذه الأسهم دون مراعاة الوضع المالي لهذه الشركات، وإنها قد تتعرض لما تعرضت له شركتا أنعام وبيشة في حال استمرار هذا الأداء السلبي لها؛ ما أسهم في تضخم أسعار هذه الشركات، وأدى هذا إلى خسارة بعض المتداولين جراء المضاربة في هذه الشركات التي لا تحمل قيمة مالية استثمارية.