يحافظ التواصل المستمر بين القيادتين في المملكة ومصر على قدر من الحراك الفاعل في منطقة مضطربة، ويرسل على الدوام إشارة إلى أنه وسط هذا الاضطراب المقلق يمكن إسماع صوت الحكمة والتعقل للآخرين خارج المنطقة خصوصاً من ذوي العلاقة الوثيقة بشؤونها، فمن هذين البلدين تنطلق مبادرات متواصلة لإصلاح ذات البين بين الأشقاء في مختلف الدول.
ومن ثم فإن اللقاء الذي تم أمس بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري يأتي في سياق التشاور والتنسيق بين البلدين، وهو يكتسب هذه المرة أهمية بالغة بالنظر إلى استفحال عدد من المصاعب والمشكلات من العراق إلى لبنان إلى فلسطين، مع متابعة لجهودهما المشتركة أو التي يقوم بها كل منهما تجاه الأوضاع المضطربة في أنحاء أخرى في المنطقة مثل دار فور وغيرها..
وفي كل هذه المواقع المضطربة ثمة جهود سعودية أو مصرية أو للجهدين معاً للخروج من الأزمات، ولهذا فإن اللقاء الذي تم أمس بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس مبارك شمل إضافة إلى العلاقات الثنائية كيفية الخروج من هذه المصاعب الممتدة من الخليج إلى المحيط..
وفيما يتصل بالوضع الفلسطيني، خصوصاً، فإن جهود كل من المملكة ومصر تأخذ منحى تصاعدياً يتفق وخطورة الأوضاع وبالذات في قطاع غزة وهي الأحداث التي انتهت مؤخراً إلى ما يشبه القطيعة الفلسطينية بوجود حكومتين في كل من الضفة وغزة، وكانت جهود المملكة أفلحت في وقت سابق في الوصول إلى توافق فلسطيني بلغ أوجه باتفاق مكة المكرمة، وهو اتفاق لا يزال صالحاً ولا تزال الكثير من القيادات الفلسطينية تحث على الالتزام به واتخاذه موجها من أجل التهدئة..
وفي ذات الجانب الفلسطيني فقد كان لمصر ولا يزال دور مشهود من أجل تفادي المواجهات المسلحة لكن قوة الدفع بين الفصائل أوصلت الوضع إلى درجة كان يستحيل معها التوفيق بينهما وهو أمر قاد إلى القطيعة الأخيرة التي أشرنا إليها..
ورغم كل شيء فإن محاولات المملكة ومصر تبقى مؤثرة وفاعلة وصالحة لاستئناف العمل بها إذا أبدت الأطراف الفلسطينية الاستعداد مع نواياهما الطيبة.
وتسمح العلاقة القوية بين القيادتين السعودية والمصرية بقدر كبير من التلاقي والتواصل ليكونا على الدوام في موقع الاستعداد للتحرك معاً، إلى جانب التمكن من إنجاز الكثير على صعيد العلاقات السياسية والاقتصادية المتطورة ما جعل من هذه العلاقة علاقة مثالية يحتذى بها في العلاقات بين الدول..
وفي كل الأحوال فإن المضي قدماً بهذه العلاقة المثالية إلى الأمام هو أمل شعبي البلدين وهو أمل يلقى كل التجاوب من القيادات في البلدين الذين يسعون إلى الوصول بهذه العلاقة إلى مرحلة تصبح فيها مكرسة بشكل تام على ما يفيد الشعبين، وبالتالي الإسهام في خلق صيغة عربية قوية بتعاونها وقادرة على تقديم النموذج الأمثل على الرغم من المصاعب الكثيرة، وذلك من أجل تعميم إيجابيات العافية والفاعلية على أكبر مساحة من عالمنا العربي.