Al Jazirah NewsPaper Tuesday  26/06/2007 G Issue 12689
رأي الجزيرة
الثلاثاء 11 جمادىالآخرة 1428   العدد  12689
الرهان على الوعي اللبناني

في لبنان يحدث ما يشبه الفتنة المدبرة، وفي الأحداث المفاجئة التي تنتقل من الشمال إلى الجنوب مروراً بالوسط بما في ذلك من اغتيالات هناك ملامح أكيدة على أن شيئاً ما يدبر لهذا البلد، ومع استمرار اشتباكات نهر البارد لأكثر من شهر فاجأت أحداث طرابلس الكثيرين، غير أن الأنظار سرعان ما توجهت إلى الجنوب في حادث آخر لا يقل غرابة عندما لقي سبعة من أفراد قوات اليونيفيل مصرعهم بانفجار لا يزال يلفه الغموض..

وعلى خلفية هذه الحالة المربكة تتفاعل الأزمة السياسية بين الموالاة والمعارضة، ما يعنى أن هناك من يستطيب استثمار كل هذه الظروف بالطريقة التي تزيد من حدة تفاقم الأوضاع اللبنانية، وأن ملامح ما يحدث في لبنان من فتنة مقصودة ربما تستهدف الدفع بهذا البلد إلى التخبط فيما يشبه النموذج العراقي حيث يموت الكثيرون كل يوم ويبقى الفاعل مجهولاً في معظم الجرائم والمذابح.. ولا يمكن هكذا الربط خبط عشواء بين ما يحدث في الساحتين العراقية واللبنانية، لكن الأساليب المتبعة في البلدين تهدف في النهاية إلى إغراقهما في دوامة الصراعات الطائفية والعرقية والسياسية بحيث يصعب تبين خيط ما وسط هذه الفوضى الأمنية..

ومن الصعب إزاء ذلك الاستغراق في مقارنات قد تغذيها افتراضات غير ناضجة، لكن من الواضح أن الوضع اللبناني هو في طور يمكن معه تفادي الانحدار إلى ما يشبه القاع العراقي، فعلى الأقل هناك في لبنان عملية سياسية حيوية ومستمرة على الرغم من حدة الصراعات وهي لم تصل مرحلة التهديد بالاستئصال ولم تحتكم إلى السلاح بشكل سافر في كل تجلياتها..

ومن هنا فإنه يمكن تدارك الوضع اللبناني ووقف تفاقمه والحؤول دون بلوغه مرحلة اللاعودة، وينبغي أن تكون الدروس العراقية واضحة في الأذهان، وخصوصاً أن الفوضى الشاملة كما هو حادث في العراق تنطوي على آليات تتسم بالسرعة والإدهاش إلى درجة الفاجعة بسبب انتشارها واتيانها على كل فعل سياسي او مجهود يحاول وضع الأمور في نصابها الصحيح أو إخضاعها لمتطلبات الصراع السياسي السليم، الذي يحترم الرأي والرأي الآخر ويتجاوب مع متطلبات اللعبة الديموقراطية والتعايش السلمي مهما بلغت حدة التناقضات السياسية.. ومن هنا فإن القول بالتعويل على الحنكة السياسية في إنقاذ لبنان هو أمر يستند إلى إرث طويل من الممارسة السياسية الفاعلة في لبنان، ومن المهم أن تتداعى كل الأطراف اللبنانية، ومهما بلغت تناقضاتها، إلى دعم الشرعية ونبذ الخروج الفاضح على سلطة الدولة، وذلك حتى تقطع هذه الأطراف الطريق على من لا يريد خيراً بلبنان ولا بأهله، وحتى تثبت هذه الأطراف أنها لن تكون مطية لآخرين، وأنها لن تنجر إلى المستوى الذي تكون فيه لعبة يتم استثمار تناقضاتها مع بقية الأطراف لإذكاء نيران فتنة داخلية لا تبقي ولا تذر..

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد