Al Jazirah NewsPaper Tuesday  26/06/2007 G Issue 12689
الاقتصادية
الثلاثاء 11 جمادىالآخرة 1428   العدد  12689
كيف نخفف الضغط على طريق الملك فهد؟!
د. عبدالله إبراهيم الفايز

يكاد طريق الملك فهد يصاب بجلطة مرورية فهو الشريان الوحيد الذي ينقل الحركة لمنطقة جنوب الرياض ليربطه بوسط المدينة ومركز العليا التجاري والأحياء الشمالية حتى القصيم، وخصوصاً الجزء الجنوبي الغربي وهو حاضرة كبيرة وكثافة سكانية تقدر بأكبر من نصف عدد سكان المدينة. ويحظى بمعدل تزايد سكاني كبير وكأنه مدينة داخل مدينة.

بالإضافة إلى أنه ينقل الحركة من شرق الرياض إلى غربها وشمالها مما سبب نوعاً من الشلل النصفي للمدينة. وهذا الشلل سببه عدم توفر طرق سريعة رأسية (شمالاً جنوباً) بديله للجنوب. لذلك تبقى المنطقة جزءاً معزولاً لم يتم توفير وتشجيع حرية وسهولة الوصول إليه (Accessibility) حيث إن الوصول من والى جنوب الرياض يعتبر من أكبر العوائق والمنفرات التي يعاني منها سكان الجنوب أو الزائرون لهم من الجهات الأخرى. كما أنه أيضاً يسبب الضغط على طريق الملك فهد الذي هو الشريان الرئيس لأحياء منطقة وسط البلد. ويعزى ذلك إلى عدم وجود أية طرق أخرى رأسية أو أفقية واسعة وكافية للمرور بسهولة. ولا يوجد إلا هذا الشريان الرأسي اليتيم وهو طريق الملك فهد الذي يكتظ في أوقات الذروة بالازدحامات المرورية وإذا نجا منها القادم فإنه يُرمى في طرقات أضيق وازحم. أما الطريق الآخر وهو البطحاء فهو حالياً غير كافٍ إلا إذا تم نزع ملكيات على جانبية وخُصص خط سريع بمخارج متباعدة لكل حي. فهو حالياً غير مشجع تماماً. لذلك فإنه لابد من التفكير في بدائل جادة لتوفير وتشجيع حرية وسهولة الوصول. وأهم هذه البدائل التي يمكن وضعها على طاولة النقاش هو دراسة الجدوى الاجتماعية الاقتصادية لتكملة امتداد طريق صلبوخ (طريق الملك خالد) ليمتد جنوباً من نقطة انتهائه حالياً مع طريق مكة وبحيث يمتد إلى الطريق الدائري الجنوبي وإذ أمكن أن يتعداه جنوباً إلى عريض ليتصل بالخط الدائري الجنوبي الثاني المقترح، وكذلك امتداد طريقي البطحاء والملك عبدالعزيز وطارق بن زياد وتوسعته إلى الغرب.

واليوم وبعد تطور القطاع العقاري فإنني على يقين أن هناك الكثير من المستثمرين العقاريين الذين يتلهفون لتبني هذه الفكرة وعلى غرار مشاريع مكة المكرمة وبحيث يسمح لهم بنزع الملكيات بتمويل من البنوك المحلية مع ضمان إعطائهم مساحات كافية وبعمق يسمح ببيعها واستثمارها بسعر أعلى بسبب وقوعها على طريق واسع مثل طريق الملك فهد. فمهما كانت التكلفة الحالية مرتفعة بسبب نزع الملكيات والتنفيذ فإن فائدتها وما ستعود عليه للمجتمع مستقبلياً أكبر بكثير. ويكفينا نجاح تجربة نزع ملكيات طريق الملك فهد التي تعتبر تكلفتها اليوم جداً صغيرة مقارنة بما قدمه من فائدة. كما أن التكلفة ستخفف الضغط الحالي على طريق الملك فهد وستوفر الملايين مما ينفقه سكان جنوب الرياض من الوقود والتلف لسيارتهم أو ضياع وقتهم الثمين لساعات في ازدحامات طريق الملك فهد.

وأحد الحلول التي قد تساعد على إخراج هذا المشروع للوجود هو التفكير في حل موضع تكلفة نزع الملكيات وطرحها كمشروع يتولاه القطاع الخاص أو صندوق وسط البلد. حيث إنه يمكن حل موضوع التعويضات بعمل صندوق تعويضات مماثل لطريقة المنطقة المركزية للمدينة المنورة. وهي أن يتم نزع حرم للطريق أكبر من العرض المطلوب له. وبذلك يصبح الجزء المتبقي مغرياً استثمارياً لأنه سيقع على جهتي الطريق الجديد وسيكون سعر المتر مضاعفاً عدة مرات. فعلى سبيل المثال لو وجدنا أن العرض المطلوب للطريق هو 80 متراً فإنه يمكن أخذ زيادة عرض 40م من كل جهة وإعادة دراسة نظام البناء لهذين الشريطين بإعطاء ارتفاعات أكبر وبذلك سيرتفع سعر بيع المتر ليطرح في مزاد عام يكون ريعه لصندوق المدينة ولتعويض نزع الملكيات. وهذه الفكرة يجب أن تدرس تخطيطياً لمراعاة الارتدادات للمنطقة مع دراسة خط السماء للمدينة ودراستها تخطيطياً وعمرانياً على مراحل نمو مستقبلي.

وبدراسة حسابية بسيطة لتكلفة نزع ما طوله 1 كيلو بعرض 160م ستكون المساحة 160000م2 والتكلفة 96 مليون ريال (600ريال- م2). ولو أخذنا عرض الشارع 80م سيتبقى 80م (40 على كل جهة. ولكن سعر المتر سيتضاعف وقد يصل إلى 2500ريال-م2 وبذلك سيكون التعويض 200مليون. وبذلك سيغطي تكلفة نزع الملكيات ويفيض لبناء الطريق.

كما أن هناك حلولاً وقتية حالياً لحل أزمة الوصول إلى جنوب الرياض تتمثل في تغيير المسارات بين الشمال والجنوب والشرق والغرب ذات الاتجاهين إلى مسار واحد وإلغاء بعض الأرصفة الوسطية والجانبية وإذا أمكن استحداث وسائل حديثة للحركة مثل القطارات العلوية أو تحت الأرض.

إن مدينة الرياض تعاني من وجود جزءين كبيرين ليس بينهما رابط أحدهما يمثل جنوب المدينة والآخر شمالها. وان بداخل كل منهما مركزين متضاربين الأول هو مركز المدينة في الجنوب المركز المدني (CIVIC CENTER) وهو منطقة قصر الحكم والإمارة والأمانة والمحاكم. والثاني مركز المدينة في الشمال متمثل في منطقة العليا وطريق الملك فهد والعصب التجاري وهو مركز ناطحات السحاب ومراكز البنوك واستثماراتها والأسواق التجارية والمكاتب (Business Center)، وكلاهما يعانيان من ضعف الطرق السريعة بينها وغياب التخطيط المروري بالإضافة إلى غياب التصميم العمراني والترفيهي مثل استعمال الفراغات الترفيهية والحدائق كمتنفس وربطها بممرات مشاة آمنة. وهما مركزان متنافسان وان كان الثاني هو امتداد أو إزاحة لمنطقة البطحاء القديمة إلى بطحاء حديثة. وهذا يوضح أن هناك تناقضاً أو عدم تنسيق أو تخطيط مسبق بين السياسات التخطيطية. أو أن هناك سياستين تخطيطيتين مختلفتين تعملان في وقت واحد وباتجاهين مختلفين تخطيطياً.

ومن هذا المنطلق فإنه يجب تحديد سياسات النقل والنطاق العمراني لكل مركز ومحاولة الربط بينهما بشبكة نقل مرنة ومتميزة لتوحيدهما في مركز حضري واحد يشتمل على الحديث والقديم التراث والحضارة. وان يكون هناك طريق دائري في وسط المدينة لمرونة الحركة حولها بين الشمال والجنوب. على أن يتم الربط معمارياً بواسطة طرق واسعة وحدائق وممرات تكون امتداداً لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي أو أن يتم ربطها بقطارات دائرية خفيفة مرفوعة على أعمدة (MONO RAILS) وتحديد نوعية الأنشطة التي يجب تركيزها وتشجيعها في كل مركز سواء المدني أو التجاري وبحيث لا يكون هناك تناقض أو تضارب بين نمط وتخصصات كل مركز ولكي نضمن لكل مركز حقه وخاصيته وطابعه العمراني وتجانس أنشطته ووظائفه. وذلك كجزء من أنشطة مشروع صندوق تمويل وسط المدينة.

أعتقد أنها فرصة لطرح الموضوع في مسابقة معمارية لتخطيط وتصميم امتداد طريق صلبوخ وكذلك طريق البطحاء والملك عبدالعزيز ليخترق المطار القديم تحت الأرض ويخرج بعده. وغيره من الطرق التي قد تساعد على حل المشكلة الحالية والمستقبلية للمرور كمشروع وطني يمكن تطبيقه مستقبلاً لحل مشاكل المدن الرئيسة الأخرى. وان يتم طرحه للقطاع الخاص مع نوع من الإغراء لاستثماره. وليعيد لمنطقة جنوب ووسط البلد قوتها وجذبها ويسهل من عملية الوصول إلى وسط البلد ويجعلها أكثر جذباً. وبذلك يتم الربط وتسهيل الوصول لمنطقة قصر الحكم ولتستفيد منها العديد من المشاريع الحيوية في وسط المدينة مثل مشاريع النقل العام والمعيقلية ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي. قد يكون هذا الطرح ينقصه الجدولة المالية والتمويلية ولكن إذا وجدت النية فإنه سهل التمويل.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد