المباحثات التي أجراها خادم الحرمين الشريفين مع القيادة الفرنسية والتي تناولت القضايا الإقليمية والدولية الساخنة كلبنان وفلسطين والعراق ودارفور والملف النووي الإيراني وغيرها من المستجدات الدولية، تنطلق من الاهتمام الذي تبذله المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين من أجل الحفاظ على الاستقرار والأمن في البلدان العربية الذي هو جزء لايتجزأ من الاستقرار والأمن والسلم الدولي، فدولتان بحجم وثقل المملكة وفرنسا لديهما قدرة كبيرة على المشاركة في تخفيف حالات الاحتقان السياسي في كثيرٍ من بؤر التوتر الدولي, ومازال في جعبتهما الكثير من الجهود المخلصة لخلاص البشرية والشعوب من بعض المشكلات الدولية المعاصرة من خلال جهد ثنائي يقوم على احترام وجهة نظر الآخر وتنسيق الجهد معه وذلك من أهم مقاصد وأهداف الزيارة الملكية لباريس ولعل في كلام الرئيس الفرنسي ساركوزي وتأكيده على رغبة فرنسا بأن تكون صديقة للعرب وأن علاقتها مع إسرائيل لن تمنعها من أن تكون أول من يقول لها اخطأت وهو الكلام الذي قد استبق بالتأييد الفرنسي لمبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية وتبنتها الدول العربية ومازالت إسرائيل ترجف خوفاً منها وتتهرب على الرغم من تأييد هذه المبادرة من قِبل الكثير من الوحدات الدولية في المجتمع الدولي.
كلام الرئيس الفرنسي حول علاقة بلاده من إسرائيل تؤكد أهمية الدور الفرنسي وتأثيره ومحوريته في المنظومة الأوروبية وفي موازين القوى الدولية للقضايا والحقوق العربية التي يحتاج انتزاعها من فك المغتصب الإسرائيلي المزيد من فتح القنوات مع صنّاع القرار الدولي وفي مقدمتهم باريس أما على صعيد التعاون الداخلي بين البلدين فإن باب الطموحات الثنائية بين الدولتين مفتوح على مصرعيه من أجل تعزيز أواصر الصداقة والتعاون في مجالات الاقتصاد وتبادل الخبرات الفنية والمعرفية لما لها من أثر كبير في توطيد أواصر التعاون بين المجتمعات وترسيخ ديمومة العلاقة, ولعل في إبداء الحكومتين السعودية والفرنسية نيتهما في التركيز على مجالات وقطاعات التعليم والابتعاث والتدريب المهني والبحث العلمي والتطوير الاقتصادي والاجتماعي خير دليل على متانة هذه العلاقة وارتكازها على مبادئ التخادم المتبادل بين الدول، وهو الأمر الذي سيكون له المردود الإيجابي السليم على العلاقة الثنائية بين الدولتين وشعبيهما الصديقين.