قبل أن يفلت الزمام سيكون من المفيد أن يستمع العالم بقواه العظمى بتركيز وانتباه أكثر للتحذيرات القادمة من منطقة تعج بالصراعات، وتزداد بؤر النزاعات فيها، فقد حث خادم الحرمين الشريفين - وهو في ضيافة العاهل الإسباني - العالم (إلى التحرك بسرعة وفعالية لنزع الفتيل قبل أن تذهب الفرصة ويفلت الزمام).
وهذا هو التحذير الثاني من نوعه خلال يومين للملك عبد الله إلى زعماء العالم، وقد جاء في مستهل زيارته إلى إسبانيا ضمن جولة تشمل أيضاً كلاً من فرنسا وبولندا، كما يأتي في خضم مرحلة حرجة تمر بها المنطقة بنيرانها التي تمتد من أفغانستان شرقاً إلى المغرب العربي غرباً مروراً بالعراق ولبنان وفلسطين والسودان، وفي كل هذه المساحة تتفاعل صراعات ضارية تحصد أرواح المئات إن لم نقل الآلاف كل يوم.
والمملكة التي تضع ضمن أولوياتها استتباب الأمن والاستقرار العالمي ترى في هذه الصراعات تهديداً مباشراً لهذه الأولويات، كما ترى أن السعي المخلص من قبل كبريات دول العالم يمكن أن يسهم مع جهود الخيرين في المنطقة لإطفاء هذه النيران التي هددت من قبل وتهدد حالياً الأمن العالمي، ومن إفرازاتها بصفة خاصة استشراء موجات الإرهاب التي لم يسلم منها حتى أولئك القابعون فيما وراء البحار البعيدة.
ويعلم كثيرون في عواصم العالم الكبرى هذه الحقائق، ولكن أسلوب التعامل معها يتغاضى عن كثير من الأمور المسلم بها، ومن ثم فإن المعالجات القاصرة تفرز دائماً تفاقماً متصاعداً لهذه الصراعات، وذلك لأن الدول الكبرى تحاول تغليب مصالحها على المصالح الإقليمية والمحلية في كل صراع دون الانتباه إلى طبيعة الوقائع على الأرض.
ففي أزمة الصراع العربي الإسرائيلي، فإن هذه المعالجات القاصرة من قبل الكبار تزيد من أوار النيران المشتعلة يوماً بعد آخر، ويبرز بوضوح في تطورات هذه الصراعات وتلك المعالجات أن إسرائيل تظل بمنأى عن الضغوط التي من شأنها حملها على التجاوب مع أسس السلام العادل والشامل، وإنها تجد نفسها في كل لحظة مطلقة اليدين لارتكاب المزيد من الجرائم والمذابح التي تغذي نيران العنف وتفرز غضباً يتعاظم يوماً بعد آخر.
ومن الواضح أن هناك ضرورة للتجاوب مع دعوات المملكة لسلوك نهج عادل في التناول والتعاطي مع هذا الصراع المزمن، وإلا فإننا سنكون إزاء وقائع أشد مأساوية على الصعيد الإقليمي وعلى نطاق العالم ككل، فالإرهاب يتغذى دائماً من هذه الصراعات، كما أن اليأس من غياب الحلول العادلة، يدفع كثيرين إلى سلوك نهج أشد ضراوة، ومن ثم فإن دائرة العنف تظل تحصد الأرواح كل يوم، ووسط كل ذلك تتبخر الآمال في العيش الكريم والتنمية والحياة الآمنة.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244