في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات حول إرضاء المستثمر وتمهيد الأرض الاستثمارية له وجذبه لكيلا يطير إلى الخارج، وتتبعها أصوات أشد علواً لتمهيد أكثر للمستثمر الأجنبي الطائر لكي يحط على أراضينا ويمنحنا تنافسية اكبر لا يكاد صوت المستهلك يسمع ولا تتجاوز شكاواه وشجونه بريد الرأي أو صناديق البريد الصوتية للمسؤولين والتجار !!
ثمة ثقافة اقتصادية أنتجت هذا التجاهل واللا مبالاة تجاه المستهلك استمدت وقودها من تكدس أوراق الشكاوى في أدراج المسؤولين وطول إجراءات التقاضي واستمرار عدم الاختصاص في النظر في الدعاوى !! ثقافة اقتصادية تؤمن أن المستهلك لا خيار له ولا مرجعية لأي غبن أو حيف يقع عليه !!
قصص كثيرة تردنا في الصحيفة.. صاحب مساهمة عقارية جمع الملايين من حالمين بالثراء وارض المساهمة لا تقع في ملكه !! وحين يطالب المخدوعون بأموالهم يرفع الصوت عليهم (دوروا ما يشغلكم عنا !!) واعتقد انه يقصد مساهمة أخرى !!
شركة تمنح ضماناً لعشر سنوات ثم تغير عنوانها بعد أقل من سنة !!
شركة توقع عقدا مرحليا للنظافة ورش المبيدات ثم تختلق الأعذار وتبدأ مسلسل الهروب بعد المرحلة الأولى.. قصص كثيرة قد لا تسعفني الذاكرة لسردها لكنها جميعا تفصح عن أن ثقة المستهلك حين تتضعضع في شركات الأعمال فإن النشاط الاقتصادي برمته مهدد ولا يمكن استعادتها (سوى بألف) النظام الصلبة !! فمتى نؤسس لهذه الأبجدية ؟!