أجزم يقيناً أن القيم الأخلاقية لا تزال بخير في جزء معقول من أوساطنا الرياضية، ومن تلك القيم السامية يُمثِّل الوفاء والاعتراف بالجميل جزءاً من مقومات مؤسساتنا الرياضية، وإذا ذُكر الوفاء تطرق للأذهان النادي الأهلي ومسيروه منذ تأسيسه وإلى ما شاء الله، فقد رأينا ذلك الوفاء في تكريم أمين دابو وأحمد الصغير ووحيد جوهر وغيرهم كثير في شتى الألعاب.. وتطول القائمة لو أردنا الاستطراد في حصر صور الوفاء الأهلاوي، ومع ذلك فهناك وفاء أرى أنه لم يوف لإنسان أعطى رياضة وطنه والأهلي والمنتخبات الوطنية الكثير الكثير، علماً بأنه لم يأخذ شيئاً مقابل ذلك العطاء المستمر بل ولم ينتظر أن يأخذ شيئاً وأدى واجبه التطوعي بكل أريحية وإنكار للذات.
ومن أصعب الأمور على الكاتب الصادق أن يجد اللغة التي تُعبّر عن الاعتراف بالجميل، فالكلمات تتضاءل والمعاني تقصر أمام هامات العطاء والوفاء، فعلاً ما أصعب لغة الوفاء لرجل الوفاء صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - فهو هامة سامقة جعلت من الرياضة في المملكة قبلة للسعوديين والمقيمين على مختلف مشاربهم حين كانت الرياضة - وكرة القدم تحديداً - تُعتبر عيباً كبيراً على من يلعبها أو يهتم بها، لكن الرجل الاستثنائي وبما أعطاه الله من فكر وقّاد وواعٍ.. قلَب تلك الصورة وجعل من الجميع محبين ومعجبين بكرة القدم وبكافة الألعاب الرياضية.
وبالعودة للوفاء الذي يميز الأهلاويين جميعاً، فما أجمل أن يكون ذلك الوفاء بإقامة متحف (عبدالله الفيصل) بالنادي الأهلي، تُوضع كل مقتنياته وهداياه - رحمه الله - ومكاتباته وأشعاره وكل متعلقاته بالرياضة عامة وبالأهلي خاصة داخل ذلك المتحف الذي سيكون مقراً له النادي الأهلي، ذلك النادي الذي أحب، وذلك النادي الذي رسّخ من خلاله القيم الرياضية لرياضة وطن بأكمله، فكما كان من فضائل سموه الوفاء والاعتراف بالجميل أياً كان ذلك الجميل، فمن باب أولى أن يرد الأهلاويون بعضاً من وفاء عبدالله الفيصل وشيئاً من فضيلة الاعتراف بالجميل.. تلك الفضيلة التي كانت تاجاً على رأس الحكمة والخير والمحبة.. وهنا نشيد بما قام به عضو شرف الأهلي سمو الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز بتسمية المقرات الجديدة لناشئة وشباب الأهلي باسم رائد الرياضة - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته -.
هذا وما أجمل أن يكون ذلك الوفاء لرجل الوفاء سريعاً وعاجلاً ومفعّلاً من قِبل الجميع، فليس من الحكمة تأجيل الأمور الجليلة وبالله التوفيق.
ترهيق الزعيم!
عندما اتضح تأهل أربعة فرق إلى ما كان يُسمى بالمربع الذهبي كتبت عن الأربعة المتأهلين بينما خصصت حرفياً بالتالي:
(يبقى الهلال الذي تعرض الموسم الماضي لإرهاق حاد جعله يسلم النهائي للشباب دون مقاومة تُذكر، وها هو أيضاً يتعرض لإرهاق شديد بين محافظته على صدارة الدور التمهيدي المحلي والسعي للتأهل للتصفيات النهائية لكأس آسيا، أما الآن فقد أصبح لصدارته فرجاً وفسحة ثمينة للتخلص من الإرهاق والتقاط الأنفاس، وعلى مدرب اللياقة أن يتنبه لهذه المسألة وألا يجهد اللاعبين في التمارين ليتزامن دخولهم المباراة النهائية وهم بكل طاقتهم وقضهم وقضيضهم).
وهذه الرؤية لا أدّعي فيها بفهم يخصني ويصعب على الغير، بل أي فرد لديه الحد الأدنى من الفهم الرياضي البسيط لأبجديات الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصا يعرف أن الفريق الهلالي كان في منتهى الإرهاق نهاية الدوري، وكان يجب أن يحصل على الراحة الكاملة التي أتاحها له النظام، فهو الأول في سلم الدوري وميزة ذلك المركز الوحيدة أن يتأهل للمباراة النهائية ولا يرهق في مباريات التصفيات مثل الرابع أو الثالث، ولكن كان للسيد باكيتا رأي آخر وأهداف أخرى، وذلك بزيادة حمل التمارين العنيفة التي وضع الفريق تحتها وطئتها في معسكر العين أو بما يُسمى OVER LOAD .
فما زلت ولا أزال أؤكد أن باكيتا (باع) الهلال وليس المباراة النهائية، باكيتا تعمد إرهاق الفريق وتقديمه طعماً سهل الهضم لأي فريق سيقابله مهما كن مستوى ذلك الفريق، وهذا ما اتضح في النهائي، بل لم يكتف بذلك ولعب لعبته أثناء المباراة وكل ذلك تمَّ تحت نظر وتواجد إدارة النادي حيث تجرعوا مقلب باكيتا حتى (الثمالة) ولسان حاله يقول لهم: (بصحتكم) يا هلاليون، وهنا يمكنني أن أفشي ما قاله لي رياضي كبير مارس كرة القدم ومارس الإدارة وعركها وعركته، فقد قال: (لو كنت إداري الهلال في تلك المباراة لسحبت صلاحيات باكيتا بعد مرور عشر دقائق من الشوط الثاني).
فرددت عليه: أما أنا فكنت سأرحله من العين إلى الغرافة دون أن أعطيه شرف دخول أراضي المملكة مرة أخرى..!! وهذا درس عالي التكلفة لإدارة الهلال الشابة!!
ومن كان ولا يزال يتمسك بالنوايا الحسنة، نقول له اصح على الواقع المرير، فالوسط الرياضي لم يعد كما كان بل أصبح بعضه وسطاً موبوءاً بالمماحكات والتصرفات الخارجة عن الروح الرياضية الحقة والخارجة عن قيمنا وفطرتنا التي نشأنا عليها والتي تنطوي على الخير والمحبة والأثرة والأخلاق التي بدأت تجف منابعها في بعض أوساطنا الرياضية.. ومع ذلك فلا يعني هذا خلو الساحة من أصحاب القيم والأخلاق الكريمة لكنهم أصبحوا كإبرة في أطنان من القش.. والله المستعان.
نبضات!!
* نهاية لا تُرضي أحداً لو اعتزل سامي الجابر بعد المباراة النكسة، وأرى أن يشارك بفعالية في البطولة الآسيوية والموسم القادم - بإذن الله -، فسامي لاعب غير عادي أراد باكيتا جعل نهايته في الملاعب حزائنية لكن سيخيّب الله إجراءه هو ومن تمنى نهاية الظاهرة سامي الجابر!!
* أختلف مع كل من انتقد صعود سعيد العويران للمنصة وحصوله على ميدالية ذهبية، فدور العويران في النهائي كان أكبر مما قدمه لاعبو الاتحاد مجتمعين!!
* لا يمكنني طمس إعجابي الكبير باللاعب أسامة المولد خصوصاً وهو أحد الركائز الرئيسة للمنتخب في المستقبل المنظور، فقط أهمس له أن يركز تركيزاً كاملاً على خدمة المنتخب وخدمة ناديه، وذلك بالبعد عن المشاحنات والخشونة والضرب تحت الحزام، فتلك حيلة العاجز كما هو معروف وأسامة ليس بذلك اللاعب العاجز وليته يجمع بين مستواه الرياضي المميز ومستوى أخلاقي يليق بنجم مثله!!
* بعض أعضاء شرف الاتحاد الذين حُجبت الأضواء عنهم خلال فترة ترؤس منصور البلوي السابقة، أرادوا أن يكون لهم من كعكة الأضواء نصيب، فأخذ بعضهم يرشح نفسه ويدّعي بما يعقل وبما لا يعقل، ثم يتنازل عن ذلك الترشيح للبلوي بحجة دعمه، وهو الذي لم يقم لهم شأن لا سابقاً ولا لاحقاً!!.. وليبشروا بأربع سنوات من الغياب في وجود أبي ثامر!!
خاتمة:
قال تعالى: {وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}