العجز والمعجزة لا يفصل بينهما سوى حرفين لكن المسافة بينهما خطط ودراسات واستراتيجيات تخطو بثبات في طريق الوعي الطويل.. استحضرت هذه الأفكار حين استوقفني برنامج ساهر يستضيف فتى صغيرا قدم للمشاهدين على انه معجزة !! كانت مناورات الفتى وأسلوبه في الحوار تنم عن معجزة حقيقية لا يستطيع مجاراته فيها رجل ناضج، في حين انه لم يتجاوز الحادية عشرة من العمر .
كان الفتى الصغير يردد بين فترة وأخرى وفي معرض إجاباته على المتصلين ( لا تضحك الناس علي ) !! ما دفعني للضحك فعلا هو أن العجز قد وصل بنا إلى ألا نرى في الذكاء والفطنة والنباهة سوى استمتاع وضحك !! أخشى أن يكون قد أدركنا ما قاله أحد علماء الاقتصاد الكبار حين قال في معرض حديثه عن تأثير الاستراتيجيات: قبل أن تبني جدارا تعرف على ما ستفصله داخل الجدار عن خارجه !!
ثم ألا يحق لنا السؤال عن المؤسسات والمراكز والبرامج الاستراتيجية في عالمنا العربي التي ينبغي عليها أن تتبنى مثل هذه المواهب وتصقل إمكاناتها وتفتح أمامها الآفاق مبكرا لتشارك في مسيرة الإنجاز والإبداع العالمي !!
أكثر ما أثار عجبي أن الطفل المعجزة كان يجيب عن أي محاولات من المتصلين باللقاء أو التواصل معه ويحيلها إلى مدير أعماله، وكان لسان حالي يتساءل عن غياب مديري أعمال على صعيد الاقتصاد الكلي لا الجزئي لتفعيل واستثمار هذه الطاقات والمواهب الإبداعية لتكوين رأس مال بشري نوعي يضعنا حيث لا بد أن نكون في هذا الاقتصاد العالمي التنافسي!!.
لكي نتجاوز في علاقتنا مع هذه المواهب والمعجزات البشرية حالة الدهشة والضحك!! .