Al Jazirah NewsPaper Friday  08/06/2007 G Issue 12671
رأي الجزيرة
الجمعة 22 جمادى الأول 1428   العدد  12671
أولويّات الكبار في عالم مضطرب

بينما انكبت ألمانيا الدولة المستضيفة لقمة الثمانية الكبار على تحضير جدول أعمال القمة التي تختتم اليوم، فإن روسيا والولايات المتحدة انغمستا في جدلٍ أعاد إلى الأذهان بشدة أجواء الحرب الباردة، وكان لافتاً تصريح للرئيس الروسي بوتين هدد فيه بنشر صواريخ باتجاه أوروبا إذا أقدمت واشنطن على إقامة برنامجها المسمى الدرع الصاروخي في دول أوروبا الشرقية، وهي الساحة الخلفية الإستراتيجية لما كان يسمى قديماً بالاتحاد السوفيتي، والذي يهدد أي وجود عسكري فيها أمنها القومي.

وبينما انتظر العالم أن يسعى كباره إلى تخليصه من المنغسات الكثيرة بدءاً من الفقر الذي يعصف بمجتمعات دولية بأكملها فضلاً عن الأمراض والخلل البيئي المتمثل في ازدياد حرارة الأرض، فإنه يبدو أن حسابات الكبار تتجاوز هذه المسائل التي يرون إنها صغيرة مقارنة بهمومهم (الكبيرة)، ومع ذلك فإن هؤلاء الكبار هم ذاتهم الذين يتضجرون حالما تبدأ قوافل الهجرة من العالم الثالث في دقِّ أبوابهم بعد أن عجزت الدول الفقيرة عن توفير الحياة الكريمة لمواطنيها بسبب مصاعب يتسبب في بعضها هؤلاء الكبار وبطريقة مباشرة، ومن ذلك عدم مباشرتهم وبصورة مسئولة مواجهة المصاعب البيئية الناجمة عن التصحر والجفاف من خلال السماح لصناعاتهم الكبرى بتلويث طقس الكرة الأرضية وبالتالي انتشار مساحات الجفاف والكوارث الطبيعية وكلها ناجمة عن تسخين الأرض بالغازات الصناعية. ولا يمكن بالطبع إلقاء اللوم دائماً على الدول الكبرى في تفشي المصاعب في الدول الفقيرة، ومع ذلك فلا يمكن أيضاً إغفال المشاكل الكثيرة الناجمة عن النظرة الأحادية للكبار عندما يتعلق الأمر بمجرد مجتمعات يرون أنها هامشية، وأنها قد تعيق مكاسبهم الكبرى لمجرد الانتباه إلى حقوقها في الحياة الإنسانية النظيفة الخالية من مكدرات العيش، فالدول النامية تحفل بقوائم من المشكلات من صنع ذواتها، لعل أبرزها مظاهر الفساد العديدة التي تكبل مسيرتها نحو التنمية المتكاملة، إضافة إلى الحروب المنتشرة في أنحائها.

وفي كل الأحوال فإن الكبار يستطيعون إيجاد صيغة عادلة من خلال اقتسام التجارة العالمية بطريقة نزيهة مع الدول النامية بدلاً من تقديم أسعار زهيدة لمنتجاتها من المواد الأولية، وتخليصها من الأمراض بالتنازل عن الأسعار الفاحشة الأدوية التي تفتك بالملايين مثل الإيدز والملاريا.

وبالإمكان ترتيب أوضاع دولية مستقرة وأكثر أمناً، إذا أسهم الكبار بصورة جادة في التقليل من التوترات القائمة بعيداً عن مصالحهم الضيقة ومن خلال منظور إنساني يستوعب هموم الصغار ويعمل على تلافيها بطريقة موضوعية بعيداً عن نوايا الهيمنة والاستحواذ، وأمامنا القضية الفلسطينية التي تقدم مثالاً صارخاً لمدى انحياز الكبار لدولة مارقة هي إسرائيل تحتل الأرض العربية وتنكل بسكانها، ومع ذلك فهي تلقى كل عناية ورعاية من الكبار بل وتشجيع على المضي قدماً في مشروعاتها الاستعمارية التوسعية.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد