أغلق سوق الأسهم من جديد على ارتفاع بعد أسبوع طويل من الركود، حيث انحدر مستوى السيولة المتداولة إلى 5.97 مليار ريال يوم الأربعاء الماضي وبقيمة تداول أسبوعية 27.5 مليار ريال، وهو مستوى منخفض جدا يعود بالسوق إلى أيام الجمود الكبير. وقد اتسمت حركة المؤشر بنزول قوي بداية الأسبوع ثم ارتفاع معتدل ثم هبوط، وأخيرا مسار تذبذب ضيق. وبالتوازي شهد السوق حالات متعددة ومتكررة من عدم تغير الأوضاع هذا الأسبوع، بما يثير تساؤلاً: هل المساهمون غادروا السوق؟ أم أنهم يستعدون له بعدة جديدة؟ أكثر من هذا، فقد غاب الاهتمام بمؤشر السوق لتكستب أوضاع شركات بعض الأسهم أولوية قصوى لدى المتداولين، لدرجة أصبح يشاهد فيها عدم اهتمام بحركة المؤشر.. ذلك الحاضر الغائب... فهل نشكر هيئة السوق على ذلك أم ننعي المؤشر الغائب؟ فمن مؤشر مهم إلى أسهم مهمة.. وما هو الجدل الكبير حول استدعاء الباحة واستعادة إنعام وإغلاق المملكة وترقب كيان وتكتل بيشة.. وعقد الدريس وأولوية الصحراء... وغيرها الكثير... لم يعد الكثير من المساهمين مهتمين بحالة المؤشر بقدر ما هم منشغلون بأوضاع شركات الأسهم.. فما الذي حدث؟ وإلى أين هم يسيرون؟ هل فعلاً يسير السوق إلى عصر جديد.. وهل يكون أفضل حالاً من عصر عام مخيف مضى؟ وهل تكرار الإيقافات هو الطريق لهذا العصر الجديد؟ فقد أوقفت الباحة مؤقتاً.. ولكن لا أحد يعلم هل تستمر.. فهي لا تزال تتكرر.. في المقابل لا يزال قطار الأطروحات الضخمة سائراً في طريقه إلى مزيد من الكيانات.. ليست كياناً واحداً ولكن إنماء وجبل عمر والمملكة القابضة وغيرها في الطريق.. فهل يمكن القول بأن السوق يسير إلى عصره الجديد من خلال انتهاج سياسة الاستبدال؟ استبدال الخاسر بالرابح؟ وهل فعلاً السوق لن يكون في مقدوره تحمل هذا الخاسر مستقبلا؟.. وإذا لم يكن استبدالاً فهل هو تطهير؟..ولماذا في كل مرة ينتظر المتداولون عودة أسهمهم لمآلها القديم بعد تطهيرها؟
ثبات الأسهم الاستثمارية في التداول .. نحو 20 سهماً لم تتغير
شهد سوق الأسهم هذا الأسبوع العديد من الظواهر المثيرة، وربما يمكن القول الممتازة.. فرغم النزول الكبير الذي شهده السوق يوم السبت والذي خسر خلاله 150.5 نقطة، ثم رغم الصعود يوم الأحد بنحو 108.8 نقطة، ثم الهبوط يوم الاثنين بنحو 91.9 نقطة، ثم سيره في مسار متذبذب يومي الثلاثاء والأربعاء.. رغم كل ذلك، فإن السوق شهد تماسكاً لأسهمه الاستثمارية بشكل كبير لدرجة أنها تماسكت بشكل لافت للنظر يوم الأربعاء عندما أغلق ما يزيد على 20 سهماً منها على عدم تغير. وقد تضمنت هذه الأسهم أسهماً للقطاع البنكي، وقطاع الأسمنت والصناعي وقليل نادر من الخدمات والزراعة. مع ذلك، فقد أغلق هذا الأسبوع على هبوط بنحو 129.7 نقطة أو ما يعادل 1.73%. ولكن إذا كانت الأسهم القيادية مستقرة نسبياً، فمن الذي أصبح يقود هبوط السوق؟
خسائر أسهم المضاربات ..
مجرد جني أرباح أم ماذا؟
تسمع كثيرا أن هذا السهم أو ذاك هو دينامو السوق، يمدحه البعض ويبجله البعض رغم أنه لا يمتلك إلا اسمه.. حتى إن غاب فهم ينتظرونه... وحتى إذا سقط يبررون سقوطه بأنه تجميع للانطلاق.. هذه التغريرات التي تحث على التجميع في الأسهم الخاسرة التي أصبح الكثيرون لا يقتنعون بأن عصرها قد انتهى، وأن من يسير وراءها فسيتحمل وحده المسؤولية لا تزال منتشرة. نحن لا نرغب في نشر التشاؤم ولكن الأرقام هي التي تحض على ذلك.. وعلى سبيل التعرف على أكثر الأسهم خسارة على المدى الأسبوعي والأسبوعين والشهر والثلاثة أشهر.. اتضح أن هناك أسهماً بعينها هي التي تكرر ذكرها في كل هذه الفترات.. هي لم تكن أسهماً استثمارية ولا أسهماً ذات أوضاع مالية اعتيادية، ولكنها أسهم جميعها تقريبا تنتمي لشركات ذات مكررات ربحية سالبة.. حيث يوضح الجدول (1) الأسهم الأعلى خسارة وتكراراً على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة. إن أولئك الذين يسعون للتغرير بأنفسهم وافتراض أن هذه الأسهم تمر بجني أرباح عنيف إنما مثلهم كمن يسعى لتجميل المرآة ليرى نفسه جميلاً.. فأين جني الأرباح إذا كانت الأسهم خاسرة على مدى الأسبوع والأسبوعين والشهر والثلاثة أشهر.. فهل تعود؟ هل يمكن القول بأن هذه الأسهم يمكنها استعادة مستويات أسعارها القديمة؟ هل يمكن أن تسترد ما يزيد على 50% من خسائرها على مدى الأشهر الثلاثة الماضية؟
أسهم فقاعة 2006
منذ يناير 2006 بدأت مرحلة جديدة في حياة سوق الأسهم ، هي مرحلة التطهير وهي المرحلة التالية مباشرة لمرحلة التصحيح التي بدأت في مارس من العام الماضي، مرحلة التصحيح استهدفت تصحيح وإزالة كل آثار وترسبات فقاعة انتابت السوق لدرجة أن مكرر ربحيته وصل إلى 47 مضاعفا.. كثيرون متذمرون من الهبوط ومن عدم الصعود حتى هذه اللحظة؟ ولكن تساؤلاً مهماً يجب الإجابة عنه: هل يُقبل أي مستثمر من هؤلاء على مشروع يكون معدل استرداده 45 عاما؟ بالطبع لا يقبل. الجميع يعلم أن القطاع العقاري الآن يبلغ معدل الاسترداد فيه - وهو خالٍ تقريبا من المخاطر- ما بين 5 إلى 10 سنوات، فكيف سيقبل مستثمر على سوق الأسهم بمكرر ربحية 47 عاماً.. بالطبع كان لا بد من وقفات للتخلص من فقاعة السوق.. وبالفعل اليوم يمكن القول بأنه أزيل الجزء الخطير منها وهو ما يرتبط بالأسهم الاستثمارية.. لكن في المقابل هناك أسهم أخرى لعبت أدواراً سلبية إما بأوضاع شركاتها التي هي من سيئ لأسوأ أو من خلال المضاربات التي اشتعلت عليها وباتت تهدد استقرار السوق. لذا، فقد كان واضحاً أنها أمهلت للتصحيح الذاتي ولكن فشل تصحيحها ذاتياً. الأمر الذي اضطر هيئة السوق للتعامل إلى الإيقاف والتعليق.
ثمار.. الباحة
خلال الشهر الماضي تحرك سهم ثمار في مدى ما بين 64 إلى 131 ريالاً، في حين تحرك سهم الباحة في مدى ما بين 34.75 إلى 57.5 ريال، وهو مدى مرتفع للسهمين. أما من حيث معدلات التغير، فإن السهمين أحرزا تغيرات كبيرة خلال نفس الشهر، ومن الملفت للنظر أن تحركاتهما غالبا ما تكون بالنسبة القصوى صعودا أم هبوطا. بل أنه أحيانا ما يحدث تباين بين هبوط كبير وصعود كبير خلال يوم التداول الواحد كما حدث يوم الأربعاء الماضي مع سهم الباحة.
هل يستفيد حاملو أسهم
الباحة من الاستدعاء؟
حسب النتائج المالية للربع الأول من عام 2007، بلغ حجم الخسائر التشغيلية للباحة نحو (481.647 ريال)، وبلغ رصيد الخسائر المبقاة في نهاية فبراير من هذا العام نحو 57.2 مليون ريال لتصل خسائر الشركة إلى نسبة مهمة من رأس المال المدفوع البالغ 112.5 مليون ريال. وقد دعت الشركة حاملي أسهمها نهاية الشهر الماضي لسداد القيمة المتبقية من قيمة السهم والتي تساوي 2.5 ريال. وفي ضوء معرفة أن عدد أسهم الشركة هو 15 مليون سهم، فإن الشركة تستهدف جلب أو ما يعرف باستدعاء رأس المال للحصول على سيولة بنحو 37.5 مليون ريال. وهنا يثار التساؤل حول مدى تأثير هذا الاستدعاء على الوضع المالي للشركة.. هل سيحسن أداؤها؟ هل سيخفض خسائرها؟ أم أنه سيخفف من وطأة وضعها المالي بشكل مؤقت؟ إن نجحت الشركة في استغلال وتشغيل هذه السيولة الجديدة، فإن هذا الاستدعاء سيصبح ذا قيمة، وربما ينقذ الشركة من وضع حرج. إن تحديد مصير وجدوى السيولة الجديدة يمكن أن يتم التنبؤ به من خلال تقييم مدى وحدود نجاح المشاريع السابقة للشركة.
توجهات هيئة السوق
لقد أصبح من الصعب التكهن بالتوجهات الحقيقية لهيئة السوق المالية - وربما يعتبر ذلك إحدى مميزاتها خلال الشهور الأخيرة - وبخاصة في ظل أنه تكرر طرح مقترحات جديدة عن إصلاح السوق وغاص الجميع في تحليلها وتحليل آثارها، ولكن تأتي الهيئة وتنفيها تماما. والغريب أن كثيراً من هذه المقترحات قد صدر بطريقة أو أخرى بالفعل عن الهيئة. إن معظم أسواق العالم تأخذ بنظام تقسيم السوق إلى سوق أولي وسوق ثانوي بناء على معايير هل الشركة جديدة أم مطروحة سابقاً في السوق، إلا أن هيئة السوق عندما ألمحت الى تقسيم السوق، أشارت إلى أنه سيتم حسب معيار مدى ربحية وخسارة الشركة. وبالطبع الجميع أخذ بالمنظور الجديد. ولكن مؤخرا تم نفي فكرة التقسيم تماماً. أيضا حدث الأمر مع صندوق التوازن ومع إيقاف وتعليق شركات جديدة.
منحة أم تعليق؟!
كثيرون يأخذون تصريحات هيئة السوق في نطاق ضيق، فعندما تقول الهيئة إن السوق لا يتحمل إيقاف تداول أسهم مدرجة حالياً، يعتقدون أن ذلك يعني أنه لن يتم إيقاف سهم بعد هذا اليوم، رغم أن التصريحات واضحة في ارتباطها بوقت محدد وربما فترة قصيرة. فالسوق كل يوم في شأن جديد والأسهم كذلك، وتجربتا بيشة وإنعام خير دليل. إلا أن ما هو مؤكد هو أن هيئة السوق لا تستطيع إبقاء سهم في التداول تجاوزت خسائره حدود النسبة المصرح بها من رأس المال. وفي ظل وجود عدد من الأسهم حاليا وصلت خسائرها إلى ما يعرف بحدود البوردة أي تخطت الحدود الخطيرة، وفي ضوء مكررات ربحية سلبية وقيم سوقية تفوق مكرر 6 مرات من قيمتها الدفترية، فإن السوق معرض لإيقاف أسهم أخرى حتى رغم التصريحات المتكررة، فربما تكون المسألة عملية وقت مناسب لعدم إرهاب السوق والمتداولين. الغريب أن التنويه عن إيقاف تداول الباحة بعد تداول الأربعاء أدى إلى نشاط حميم للسهم وازداد الطلب عليه كما لو كان التنويه عن منحة وليس عن تعليق.. هل هناك من يضمن أن التعليق لن يتجدد أو يستمر؟ إن أسلوب تلقي المتداولين للإيقاف المؤقت لا يتسم بالحكمة في كثير من الحالات، وذلك لانتشار معتقدات مضللة وخاطئة.
في ظل انتهاج بناء الأوامر في
طرح شركة الطباعة.. من يفوز؟
لقد انتهجت هيئة السوق المالية عملية بناء الأوامر في طرحها لشركة الفخارية مؤخرا، تلك الشركة التي حصلت فيها صناديق الاستثمار كمؤسسات مكتتبة على حصة تعادل 70% من أسهم الاكتتاب، حيث تشير الآلية إلى أن مدير سجل الاكتتاب في الشركة قد خاطب المؤسسات المكتتبة حسب معايير معينة تم بناء عليها تخصيص نحو 3.15 مليون سهم من الأسهم المطروحة للاكتتاب لصناديق الاستثمار. وقد تم طرح السهم بقيمته الاسمية 10 ريالات، إلا أنه افتتح للتداول بقيمة 160.25 ريال رغم أنه طرح بدون علاوة إصدار، وهي قيمة أعادت للأذهان القيم الكبيرة لافتتاح تداولات الأسهم الجديدة في الماضي، فهل عملية بناء الأوامر هي التي ارتقت بسعر إدراج السهم في السوق؟ أم أنها الصناديق التي استحوذت على 70% منها؟ فغير معلوم كم عدد هذه الصناديق التي اكتتبت في هذه الشركة، وهل تمثل عدداً محدوداً من الصناديق؟ وإذا تكرر هذا الأمر مع سهم للشركة السعودية للطباعة والتغليف، فهل من المتوقع أن يتكرر استحواذ الصناديق على النسبة الأكبر من المؤسسات المكتتبة؟ وإذا حدث استحواذها فهل ستتكرر تجربة الصعود الكبير لسعر الإدراج الأولي للسهم في السوق؟ أم سيتم توسعة المؤسسات المالية لكي تشكل شركات مالية أخرى غير الصناديق؟
تقسيم السوق
صدر تصريح من رئيس هيئة السوق المالية بنفي تقسيم السوق، ورغم تباين الردود حوله، إلا إنه تسبب في استقرار نفسي للمضاربين الذين يركزون على المضاربة في العديد من الأسهم التي تنتمي لشركات خاسرة. ولكن نفي تقسيم السوق لا يعني أنه لن يتم عزل الأسهم الخسارة أو استبعادها، فمكنون التقسيم يمكن تحقيقه من خلال العديد من السياسات وليس فقط عن طريق التقسيم. فمنذ بداية العام الماضي تم طرح نحو 16 شركة جديدة تقريباً، وأكثر من 10 شركات مؤهلة للطرح حتى نهاية هذا العام. والعديد من هذه الشركات تنتمي لمؤسسات ذات أوضاع مالية قوية، بل إن المستقبل يحمل في طياته طرح كيانات استراتيجية توازي سابك، مثل الخطوط الجوية والحديدية وغيرها. وفي الوقت نفسه بدأت سياسة التعليق والإيقاف لأسهم ذات أوضاع مالية غير جيدة. ولا تزال هذه السياسة مستمرة، فقد يعلق المزيد، ومعرض بعض هذه الشركات لتصفية تامة.. هنا قد يتم تحقيق هدف تقسيم السوق ولكن بآلية جديدة وهي آلية الاستبدال التي تعد أكثر فاعلية من تقسيم السوق، لأن تقسيم السوق سيبقي هذه الأسهم الخاسرة في السوق، وبالتالي ستتحمل وتعاني منها هيئة السوق في المستقبل، ولكن الإيقاف المؤقت سيعرض هذه الشركات إما إلى تحسين أوضاعها أو تصفيتها.
أسهم ذات تكرار مرتفع من حيث معدلات الخسائر
البيان أسبوع أسبوعان شهر 3 أشهر
الأسماك -8.5 -20.9 -20.1 -44.1
الباحة 10.1 -14.2 -8.9 -35.6
معدنية -5.7 -15.6 0.0 -22.7
مبرد 3.6 -13.1 -6.5 -19.6
ثمار -31.2 -40.4 -26.4 -1.1
د. حسن الشقطي -محلل اقتصادي ومالي
Hassan14369@hotmail.com