لا يبدو في الأفق ثمة ما يشير إلى تهدئة في الصومال، بل كل المعطيات والدلائل توحي بتصعيد قادم، وفي الأفق أيضاً توسيع لنطاق الاضطرابات التي تعصف بهذا البلاد منذ أكثر من 15 عاماً، فضلاً عن توقعات بدور أمريكي مباشر تمثل مؤخراً في قصف من البحر استهدف مجموعة من المقاتلين.
ومع ذلك فإن محاولات التهدئة تتواصل، ولعل من أبرز مظاهرها الاجتماع الذي اُختتم أمس في لندن للجنة الاتصال الخاصة بالصومال التي تضم أطرافاً إفريقية إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا.
لكن يبقى الجهد الصومالي الداخلي باتجاه التسوية هو المطلوب وربما هو القادر على حسم الأمور بطريقة مباشرة، ومع ذلك فإنه لا تتوفر مؤشرات على مثل هذا الجهد الداخلي الذي كان يمكن أن يتضافر مع المحاولات الخارجية للجنة الاتصال، وبدلاً عن ذلك فهناك على الأرض كل ما يوحي بتصعيد للقتال..
وسيكون من المفيد بشكل خاص أن تتوافر مقومات الدفع باتجاه المصالحات حتى وإن كانت الأوضاع على الأرض لا تشجع على ذلك، إذ إن غياب مثل هذه المحاولات سيعني فقط أن الذين يدفعون الأمور باتجاه التصعيد سيجدون ما يشجعهم على استمرار مشروعهم الرامي إلى إغراق البلاد في دوامة جديدة من العنف.
وكان لافتاً في مجمل التطورات الصومالية التوجه المتنامي نحو اعتماد أسلوب العمليات الانتحارية وهو أمر رافق الموجة الأخيرة للقتال بين القوات الصومالية الإثيوبية المشتركة من جانب ومليشيا المحاكم الشرعية.من جانب آخر وصولاً إلى المحاولة الفاشلة ضد رئيس الوزراء على جيدي مطلع الأسبوع الجاري، كما كان لافتاً أيضاً القصف الأمريكي من البحر الذي استهدف مجموعة من المقاتلين على أرض الصومال. وكل ذلك يعطي مؤشرات على انتقال ملامح صراعات إقليمية إلى الأرض الصومالية، وبالذات تطبيق ما يدور في العراق من هجمات على القوات الأجنبية، ففي الصومال هناك أيضاً قوات أجنبية تتمثل بصفة خاصة في القوات الإثيوبية، وهي تجتذب بوجودها هذا هجمات المسلحين من قبل عناصر المليشيات، وهناك أيضاً وجود أمريكي ولو على البعد في أعالي البحار لكنه أفصح عن نفسه مؤخراً بذلك القصف المدفعي على الأرض الصومالية، وهو أيضاً مدعاة لمواجهات جديدة مع قوة أجنبية أخرى، وربما تحولت المياه الصومالية التي تعج بالقراصنة والخاطفين إلى ميدان لمعركة أخرى.
وإزاء هذه المعطيات فلا يمكن إلا إفساح المجال أمام مقارنة ما يجري في الصومال بما يحدث على أرض العراق، خصوصاً من جهة التواجد الأجنبي للقوات الدولية وللمقاتلين متعددي الجنسيات الذين يقول البعض إنهم يتبنون أسلوب تنظيم القاعدة.
وكل ذلك قد يخرج الشأن الصومالي من الإطار المحلي الإقليمي إلى مصاف دولي تتعدد أبعاده مع تزايد الأطراف المتورطة في النزاع سواء من جهة الدول أو الجماعات التي تهرع إلى مساندة القوى الداخلية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244