انضم مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان إلى رفيقه مخيم نهر البارد في الشمال فيما يتصل بالمواجهات المسلحة، ويخشى المراقبون للأحوال أن تتَّسع مساحة هذه الأزمة لندخل مجدَّداً فيما يُعرف ب(حرب المخيمات) التي توجد منها 14 مخيماً في لبنان ومعظمها شهدت اضطرابات ومذابح طوال تاريخ النزوح الفلسطيني إلى لبنان.
فالكثيرون يخشون أن تعاود أحداث الماضي الدامية الظهور بشكل أو بآخر، خصوصاً أن المخيمات ما زالت هي المخيمات، كما أن الظروف السياسية اللبنانية على رغم أنها تغيَّرت إلا أن الأوضاع المستجدة تحمل الكثير من المصاعب بما فيها اللبنانية - اللبنانية واللبنانية - الفلسطينية.
وهناك مَن رأى ثمة رابط بين ما يحدث في نهر البارد وعين الحلوة على الرغم من أنه لم تتضح حقيقة العلاقة بين الذي فجروا الأحداث في نهر البارد، وهم جماعة (فتح الإسلام)، وتلك الأخرى في عين الحلوة المسماة (جند الشام)، لكن التحليلات العابرة تحدثت عن أن الذين يقفون وراء أحداث عين الحلوة استهدفوا تخفيف الضغط العسكري على أولئك المتحصنين في منازل المخيم الشمالي.
لقد ارتبط تاريخ المخيمات في لبنان بمرارات عديدة وبمآسٍ شهدها سكانها الذين تعيَّن على بعضهم في يوم من الأيام أن يأكلوا العشب بسبب الحصار الواقع عليهم، ومَن يحاول الخروج من المخيم يتم قتله على أبوابه.
لهذا ولغيره فإن موضوع المخيمات في لبنان ظلّ يرتبط بحساسيات بالغة، ويخطئ كثيراً مَن يحاول الانطلاق من أي مخيم للقيام بعمل ما ضد هذه الفئة أو تلك، ومع ذلك فقد ظلت المخيمات مسرحاً لصراعات عدة عاكسةً التوترات بين الفصائل الفلسطينية، وفي أحيان أخرى بين هذه الفصائل وجهات لبنانية، غير أن الأزمة الأخيرة في مخيم نهر البارد تزامنت مع أوضاع سياسية لبنانية معقدة ناجمة بشكل أساسي من الانقسام السياسي حول الموقف من المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري.
وبالنسبة إلى مخيم عين الحلوة فإن ما يجري فيه أكد الحاجة الشديدة إلى تحرُّك فوري قبل أن تتحول الأزمة إلى أزمة مخيمات، وليس مجرد أزمة تتناول مخيماً واحداً أو اثنين.
ومن المهم أن تتحرك الجهات الفلسطينية الفاعلة مع تلك اللبنانية لتطويق هذه الأزمة والحدّ من تداعياتها المهلكة وإحباط أية مساعٍ لتوسيع نطاقها، وإلا فإن المرارات الناجمة عن أزمة البارد كفيلة بأن تفجر الأوضاع في عدة مخيمات أخرى، خصوصاً أن البعض يصوِّر ما يحدث على أنه قصف يستهدف الوجود الفلسطيني في لبنان، على الرغم من أن المتتبع للأحداث يرى خروجاً واضحاً على الشرعية من قِبَل هؤلاء الذين اختاروا حمل السلاح ضدها.
إن التقصي الدقيق والأمين لما يجري وللأسباب الكامنة وراءه تعين كثيراً في تخيُّر أفضل المعالجات وأصوبها بعيداً عن الأفكار المسبقة والانحياز الأعمى الذي يجعل من الصعب تبيُّن حتى مواضع القدم في سبيل التقدم نحو الحلول.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244