الرياض - منيرة المشخص
شهدت السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً وشديداً في أسعار مواد البناء كافة، وبخاصة سعر الأسمنت؛ مما أدى إلى ارتفاع العقار بشكل مبالغ فيه. وتعالت الأصوات تنادي وزارة التجارة للحدّ من ذلك الارتفاع المستمر، حيث استغلّ البعض ذلك بأن أخذ يمارس عملية المزايدة، وكل ذلك على حساب المستهلك، حتى استجابت وزارة التجارة مؤخراً لهذه النداءات فأصدرت قراراً بوقف الزيادة في أسعار الأسمنت التي كانت دون مبرِّر، فهل جاء القرار في وقت متأخر؟ وهل سيساهم ذلك في خفض أسعار العقار؟ وما المصلحة المرجوة من وراء القرار؟ وغير ذلك من التساؤلات التي طرحناها على مختصين وخرجنا منهم بهذه الحصيلة من الإجابات.
بدايةً تحدث لنا سليمان العمري عضو اللجنة الفرعية للمكاتب العقارية في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض فأوضح أن القرار لم يأتِ متأخراً، بل كان يحتاج إلى دراسة متأنية، ومن الجيد أنه صدر للحدّ من ارتفاع أسعار الأسمنت الذي كان مبالغاً فيه بشكل غير طبيعي؛ مما أدَّى إلى الإضرار بالمواطنين. وأضاف العمري: أودُّ هنا أن أوضح أمراً مهماً، وهو أن المسؤول عن تلك الزيادة هو الموزِّع وليس الموردين أصحاب المصانع، فللأسف الشديد استغل الموزعون كثافة الطلب على الأسمنت والتوسع في البناء على مختلف أنواعه. وحول ما إذا كان هذا القرار يجب أن يُعمَّم على بقية مواد البناء، خصوصاً أن جميعها أسعارها في ارتفاع ملحوظ قال: لقد ذكرتُ سابقاً أن كل ما يتعلق بالعقار ارتفع سعره من مواد بناء أو مقاولين أو عمالة، وقد يكون سبب ذلك الارتفاع ذا شقين: شح مواد البناء، وازدياد الطلب على المواد. ويأمل العمري في نهاية حديثه أن يراعي التجار مصالح الناس كما يراعون مصالحهم، وبخاصة الذين لا يستطيعون بناء مبانٍ ولا يستطيعون تحمُّل تكلفة البناء العالية.
من جانبه، اعتبر حمد الشويعر رئيس مجموعة حمد الشويعر للاستثمار العقاري أن القرار جاء متأخراً كثيراً، ولكن استطرد قائلاً: أن يجيء متأخراً أفضل من استمرار الوضع كما كان، بل إن زيادة أسعار الأسمنت وغيره من مواد البناء أرى أنها غير مبرّرة، وإن كان القرار دليلاً على متابعة وزارة التجارة للموضوع، ولكن أرجو منها الانتباه إلى أمر آخر في غاية الأهمية، وهو ارتفاع أسعار الخرسانة الجاهزة من قبل التجار في هذا المجال الذين استغلوا ارتفاع أسعار الأسمنت بشكل جشع ورفعوا سعر الخرسانة بشكل غير عادي. ونفى الشويعر أن يساهم قرار تخفيض سعر الأسمنت في انخفاض أسعار العقار المرتفع ما لم ينعكس على بقية المواد، خصوصاً أنه يتعلق بقطاع كبير، هو قطاع الإسكان. وأضاف: نحن نتمنى أن تتفاعل وزارة التجارة مع بقية أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية والأدوية كذلك، وأن تنظر بعين الاعتبار إلى مسألة تفاوت الأسعار للسلعة الواحدة في الشارع الواحد أحياناً، وتقضي على ما يسمى (السوق السوداء) التي تتحكم في أسعار المواد.
ونختم الآراء مع فوزان الفوزان رئيس لجنة مواد البناء في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض الذي قال: القرار جاء في وقت مناسب، وإن كنا نفضل لو كان قد أتى قبل ذلك بفترة طويلة، ولكن المهم أنه صدر، ونعتبره تحرُّكاً جيداً، ومن المؤكد أنه سيفيد قطاع البناء؛ لأنه سيساهم في تخفيض تكاليف بند رئيس من بنود البناء، وهو الأسمنت. ويرى الفوزان هنا عكس ما ذهب إليه الشويعر من أن الخرسانة المتحركة لا تزال أسعارها مرتفعة، وذلك بقوله: انخفاض سعر الأسمنت سوف يساهم في انخفاض سعر الخرسانة المتحركة؛ نظراً إلى ارتباطهما بعضهما البعض؛ لأن الأسمنت مادة رئيسة في الخرسانة، فعندما يحصلون على الأسمنت بسعر مرتفع من المصانع يؤثر في تكاليف الإنتاج فيضطرون إلى رفع الأسعار، وقد يكون توفر الأسمنت لمصانع الخرسانة المتحركة هو السبب، حيث كان في الماضي وصول الأسمنت إلى المصانع مرتفعاً نسبياً، وهذا رفع سعر بيع المتر المكعب بالنسبة للخرسانة الجاهزة. هذا من جانب، ومن جانب آخر أعتقد أن ذلك من الممكن تطبيقه على كل مواد البناء أو بعض منها شريطة أن تؤخذ طبيعة كل مادة على حدة؛ لأن المواد كثيرة، فمثلاً الأسمنت استهلاكه محلي، فقليل تداوله عالمياً أو استيراده أو تصديره، فبالتالي يمكن السيطرة على تكاليف الإنتاج بالنسبة لوزارة التجارة؛ حيث سيكون بإمكانها معرفة حدوث أي زيادة في أسعار البيع. وحول دور لجنة مواد البناء بعد صدور القرار يقول: أهم ما في الموضوع هو متابعة تطبيق القرار والتأكد من سعر بيع المصانع للموزعين وعدم نشوء سوق سوداء؛ لأن الذي حدث هو استغلال الأمر وارتفاع الأسعار من قبل الموزِّعين لا المصانع.