إذا ما صدقت الأرقام التي تشير إلى أن السعوديات ينفقن 54 مليون ريال سنوياً على مستحضرات التجميل، فأعتقد أن فرصة ذهبية قد فاتت لإنشاء مصانع وليس مصنعاً واحداً لأحمر الشفاه الذي تضع منه السعوديات 640 طناً على شفاههن بحثاً عن الجمال.
والعجيب أن هذه الأطنان من الأحمر وهذه الأعداد المتزايدة سنوياً من الطلب عليه لم تغرِ الصناعيين الذين يبحثون عن اقتناص الفرص الصناعية المربحة.
ولأن الصناعيين غالباً يدرسونها من جميع النواحي والأمكنة، فقد يرون أن من أسباب العزوف عن هذا المشروع اللطيف والجميل هو أن المرأة غالباً ما تكون مهووسة بالصناعة المستوردة ولا سيما تلك المتعلقة بالجمال، وهذا ربما من حسن حظ الفرنسيين حينما تميزوا بصناعة مستحضرات التجميل، وباتت ماركاتهم علامة لا منافس لها في عالم التجميل.
ولكن إقدام مجموعة من السيدات لاقتحام هذا المجال وإنشاء مصنع يختص بمستحضرات التجميل ربما أنها خطوة ذكية وخطيرة، وقد يحالفها النجاح على اعتبار أن الشفاه المستهلكة لهذا الأحمر في تزايد هذا من ناحية، وافتراض أن نصف هذا الاستهلاك على الأقل قد يكون من نصيب الصناعة الوطنية التي نتمنى أن نراها تزدهر وأن تفاخر السعوديات بأن لديهن صناعة وطنية تستحق أن تسبغ بها شفاههن إما لجودتها وهذا هو المطلوب، وإما لوطنيتهن وانحيازهن لمنتج وطني.
لكنني لست متفائلاً كثيراً بنجاح هذا المشروع الذي تدرسه أربع من نساء الخليج، وذاك التشاؤم - إن جاز تسميته - يعود إلى بواطن البيروقراطية التي تحفل بها معظم دوائرنا الرسمية ذات التحكم بمصير أي مشروع استثماري، فهي إما تسهم في إجهاضه منذ ولادته وإما أنها تعيقه حتى يترهل ويفسد الدهر زهرته، وهذا حال من الدوام لدينا. ولعل سيدات الأعمال الأكثر معاناة في مثل هذه الأحوال.
فلعلكم تذكرون مشروع مصنع التحف التذكارية الذي تقدم به أحد رجال الأعمال بمنطقة مكة المكرمة مستغلاً وجود الحرمين الشريفين، وحرص كثير من الحجاج والمعتمرين والزوار على شراء الهدايا التذكارية عند مغادرتهم بلاد الحرمين، فحين تقدم رجل الأعمال بمشروعه وضعت العراقيل في طريقة حتى اضطر إلى نقله إلى دولة مجاورة، وها هي منتجاته تدخل إلى أسواقنا على أنها منتجات أجنبية!!
فهل يسلم أحمر الشفاه أم يتعثر في أحد الأدراج؟ اللهم سلّم..