Al Jazirah NewsPaper Thursday  31/05/2007 G Issue 12663
الاقتصادية
الخميس 14 جمادى الأول 1428   العدد  12663
ضعف البنية التحتية والخدمات المساندة يحد من ازدهارها
فتيات يتغلبن على البطالة بالاستثمار والتسويق عبر الإنترنت !!

الرياض : فوزية الصويان

لم تقف البطالة وقلة الوظائف النسائية أو تدني المستويات والخبرات أمام طموح العديد من الفتيات اللاتي نهجنا نهجا جديدا في مجال الاستثمار السريع والبسيط، ورفضن الرضوخ لهذه العوائق بعزيمة قوية وصادقة لإثبات وجودهن بنظرة واقعية للأمور البعيدة عن أي معوقات خارجية من طبيعتها أن تحد من قدراتهن وتجعلهن ضريبة للفشل، وذلك من خلال (التسويق عبر الانترنت) والذي فتح للغالبية منهن مجال الانخراط في الاستثمار والكسب السريع بعيدا عن بعض المؤثرات والتقاليد التي تحول دون انخراطهن بشكل أكبر في عالم الاستثمار والمال. إضافة إلى ذلك إن هذا المجال التسويقي استطاع أن يوازن بين الظروف الاجتماعية للمسوقات ورغباتهن الاستثمارية وحاجاتهن الخاصة بحكم أن هذا الجانب التسويقي المحدود لا يتطلب الخروج إلى ميدان العمل، أو إدارة خارجية بل يدار من المنزل ويعتمد بصورة كبيرة على الأفكار التجارية المنتجة والذكاء السوقي وإن تضاءل رأس المال.

والتسويق عبر الانترنت ليس بالتسويق الجديد في عالم السوق، فقد عرف هذا المجال في مدينة شيكاغو منذ أكثر من12سنة، حيث كان يتم تسويق المواد التموينية والملبوسات والمنسوجات من خلال المؤسسات المنتجة والراغبة في الكسب والتوسع في الاستثمار مع مجموعة من الأشخاص الباحثين عن الربح المادي. وذلك بالقيام بفتح صفحة الكترونية لعرض بضائع وسلع لهذه المؤسسات بنسب متفق عليها مسبقا مع المسوق.

وهذا المجال التسويقي يشبه إلى حد قريب فكرة عرض البضائع والسلع في المحلات التجارية، ولكنه يختلف بأنه لا يتطلب ذهاب العملاء للتسويق والتمعن في السلع وتقليبها بل فقط الدخول إلى الموقع عن طريق الانترنت واستعراض البضائع والمنتجات ثم اختيار السلعة المناسبة ومن ثم شرائها.

وتكون طريقة دفع قيمة شراء السلعة بعد الاتفاق على نوعيتها ومواصفاتها عن طريق إرسال المبلغ على الحساب الخاص بالمؤسسة أو الشخص المسوق، أو عن طريق بطاقات الائتمان أو يكون بتناول يدا بيد إذا كان بنفس البلد.

والملاحظ لهذا المجال التسويقي أن البضائع والمنتجات المطروحة من قبل الفتيات المسوقات لا يقتصر طلبها وعرضها على فئة أو بلد معين، بل تسوق لدول أخرى مجاورة دون الاكتراث بعامل المكان والزمان مما يجعل التسويق يختلف ويتنوع لديهن، فلا يعتمد على منتجات تسويقية معينة بل يتناول العرض والطلب في الغالب على أمور ومتطلبات تعني المرأة من ملابس ومواد تجميل وإكسسوارات وكماليات ومهارات يدوية ومنسوجات تتقن بأيدي صاحباتها المسوقات ومواد تموينية إضافة إلى الكتب الثقافية والأدبية النادرة والمتنوعة وغيرها الكثير ممن هو يزيد من قائمة الطلب.

وفي استبيان عمل على الفتيات المستثمرات في هذا المجال التسويقي في أحد المواقع التي تعنى بالعروض التجارية النسائية اتضح أن هذا النشاط لا يعتمد على عمر معين، بل لوحظ أن 45% ممن تتراوح أعمارهن بين 19 إلى 28 عاما وأن 77 % من هذه الفئة العمرية منهن طالبات جامعيات مازلن على مقاعد الدراسة، والنسبة المتبقية الـ 23% من هن خريجات جامعات وكليات عريقة في المملكة. بينما الـ 55% المتبقية من المسوقات ممن تتراوح أعمارهن ما بين30 إلى 45 عاما و60% من هذه الفئة العمرية من هن ربات بيوت، أو باحثات عن فرص وظيفية، و40% من هن ملتحقات بالعمل الوظيفي، ولكن باحثات عن الدخل الجيد. وعن مدى الإقبال على فرص العرض والطلب يلاحظ بأن نشاط المسوقات يكثر الإقبال عليه خلال فترة الإجازات ويتضاءل في بقية الفترات الأخرى لارتباط غالبية المسوقات بمقاعد الدراسة أو بالعمل.

وفي هذا الصدد تبين - سارة أحمد (طالبة جامعية 25 عاما) - بأن لها في هذا المجال التسويقي أكثر من3 سنوات استطاعت من خلالها أن تكون علاقات طيبة وثقة متبادلة مع عدد لا يستهان به من الزبائن من جميع الجنسيات ومن مختلف الدول.

وعن سبب اتجاهها لهذا الاستثمار توضح بأن متطلبات الحياة الضرورية وقلة دخل الأسرة دفع بها إلى هذا المجال التسويقي وذلك لسد حاجة هذه المتطلبات. وعن نشاط تسويقها تبين سارة بأنها تسوق لفساتين الأطفال والمواليد وأدواتهم وفي الأغلب تكون الأدوات من اختيارها أو من اختيار العميلة، ولكن يختلف هنا سعر السلعة إن كانت الخامات والأدوات من اختيار الزبائن. وعن طريقه دفع قيمة البضائع المباعة توضح بأن طريقتها تعتمد على التحويل والإيداعات البنكية وبعد التأكد من وصول المبلغ يتم بدورها إرسال البضاعة المشتراة إما عن طريق البريد أو بالطريقة التي يفضلها كل عميل.

بينما توضح إيمان السيد (مسوقة بإحدى الشركات) بأن النسبة الضئيلة التي تتقاضاها من عملها في مجال التسويق لدى إحدى الشركات الكبرى جعلتها تتجه للمشاركة في التسويق الخاص عبر إحدى الصفحات التي تعني بالعروض التجارية النسائية في أحد المنتديات المعروفة، وذلك لزيادة دخلها من تسويق منتجاتها البسيطة التي تكون في الغالب من صنع يديها، حيث إنها تتقن التصميم وصنع المجسمات الجمالية والتحف والإكسسوارات المنزلية باستخدام الطين والفخار. إضافة إلى أنها تسوق لبعض السلع والمواد التموينية.

ولا تنكر إيمان بأنها في فترات تحصل من تسويقها الخاص على أضعاف ما تتقاضاه من التسويق للشركة التي تعمل بها. وترى منيرة السدلان (مدرسة) بأنها من هواة التسوق عبر الانترنت لما له من ايجابيات عديدة منها العثور على أجهزة وبضاعة ومنتجات نادرة قد لا تتوافر في الأسواق المحلية بينما بالإمكان الحصول عليها بسهولة عن طريق استخدام الانترنت شاملة كافة المواصفات المطلوبة والمرغوبة إضافة إلى كتيبات الطبخ والتجميل التي تكون من إعداد وجمع المسوقات.

فيما تخالف نجلاء الجفري (طالبة) سابقاتها في هذا الجانب التسويقي الذي لا ترى به أي جانب من المتعة بقدر ما تراه جانبا محصورا فلا يشعرها بروح التسوق والانتقال من متجر لآخر ولا بمبدأ المفاصلة الذي يندر وجوده على الانترنت إضافة إلى أن المستهلك بالأخص المرأة تحب رؤية ولمس البضاعة وتقليبها والتمعن في مزاياها وسلبياتها وهذا ينعدم في هذا الجانب.

وعن الاستثمار والتسويق عبر الانترنت ومدى الإقبال عليه يبين الدكتور عبدالعزيز إسماعيل داغستاني- رئيس دار الدراسات الاقتصادية: إن التسويق عبر الانترنت في المملكة العربية السعودية مازال محدودا وذلك لارتباطه بانخفاض نسبة استخدام الانترنت مقارنة بالنسبة المحققة في الدول الصناعية الأخرى التي تنتشر فيها عملية التسوق عبر الانترنت. ويعتقد الدكتور داغستاني بأننا مازلنا نفتقر إلى البنية التحتية الأساسية والمساندة لدعم وتشجيع وتطوير التسويق والتسوق عبر الانترنت، ناهيك عن خدمات التوصيل السريع، ويضيف بقوله: (ولكن في مقابل هذا الوضع يبدو أن التوجه نحو التسوق عبر الانترنت قد بدأ ينمو،ولكن بنسب متواضعة، وإذا أردنا أن نحقق نموا مقبولا في استخدام الانترنت كوسيلة تسوق فإن علينا أن نوفر البيئة المتكاملة لنجاح وتطور هذا السوق).

وشدد داغستاني على الحرص في مراعاة المصداقية بأي حال من الأحوال في التعامل بين طرفي أي معاملة تجارية، بالإضافة إلى توفير الضمان والحرص على جودة السلع أو الخدمة المعروضة. وعن الآثار الاقتصادية العائدة من استخدام الانترنت في التسويق أشار د. داغستاني بأن التوسع في التسويق والتسوق عبر الانترنت ستكون له آثار اقتصادية عديدة، من أهمها توسيع قاعدة السوق وخلق قنوات تتوافق مع العصر الحديث الذي يشكل فيه الانترنت مرتكزا مهما لا يمكن تجاهله. فيما يرى أحد المهندسين - في أحد مكاتب للاستشارات الاقتصادية - بأن اتجاه المرأة للتسويق عبر الانترنت بادرة جيدة ودليل على العزيمة القوية التي تملكها المرأة والتي أهلتها لاقتحام العديد من المجالات ومنافسة ندها الرجل، والواقع الذي نعيشه يشهد ما للمرأة من إنجازات عظيمة يشار لها بالبنان. وأضاف بأن قلة الوظائف النسائية واقتصار معظم المجالات على الرجل جعلت المرأة تعمل على اصطياد الفرص المتاحة لها لإثبات وجودها حتى لا تكون فردا سلبيا في مجتمع منتج. وعن عيوب ومزايا هذا المجال يبين المهندس بأن هذا المجال التسويقي يعتبر وسيلة ايجابية في اختصار الوقت وتوفير الجهد، وذلك من خلال سهولة البحث عن البضائع وأسعارها من خلال المعلومات المتوفرة حول مواصفات البضائع المعروضة والمعلن عنها، كذلك عملية الشراء من خلال هذا التسويق يرافقه عمليات خصم كبيرة يقدمها صاحب السلعة أو المؤسسة المسوقة من أجل جذب أكبر عدد من المستهلكين. ومن أبسط عيوبه انه يتمثل في أن معظم السلع التسويقية تعتبر وسيلة إغراء لمعظم السيدات اللاتي ينخدعن بجاذبية الإعلان التسويقي عن بعض المنتجات مما يجعلهن يقبلن على شراء سلع كمالية قد لا تحتاج لها بقدر ما تعمل على إرهاق ميزانية الأسرة. إضافة إلى أن فرص الغش التجاري أو الاحتيال قائمة بهذا المجال التسويقي فقد تأتي السلعة بمواصفات مخالفة تماما للسلعة المطلوبة مما يجعل من الصعب رفضها أو استبدالها.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد