تفيد بعض الدراسات الإعلامية ورائدها العالم الأمريكي جورج جربنر بأن المتابعة المكثفة لما تنقله وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون تعطي انطباعاً بأن العالم أسوأ مما عليه في الحقيقة. فجربنر انشغل كثيراً بصور العنف المتكررة في التلفزيون، وقال إن هذه الصور تشوه حقيقة العالم وتجعل المتلقي يشعر بالخوف دون دواعٍ حقيقية.
ومن يتابع الأخبار بشكل عام يجد أن أخبار الحروب والصراعات والإرهاب ارتبطت بالمنطقة العربية. فالتغطية الإعلامية الدولية المكثفة لأحداث العنف في المنطقة العربية ولَّدت صورة سيئة عن هذه المنطقة ودفعت الشعوب الأخرى إلى الاعتقاد بأن العيش في الدول العربية مستحيل ومحفوف بالمخاطر، وكما يقول المثل الشعبي: الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. فالأحداث في فلسطين كارثية ولبنان خطيرة، أما العراق فهو على وشك الانهيار كما يقول بعض الخبراء الإستراتيجيين، هذا عدا عن أحداث الصومال، إضافة إلى العمليات الإرهابية التي ضربت في عدة دول عربية آخرها المغرب والجزائر. ونادراً ما تنقل وكالات الأنباء العالمية أخبار الإنجازات في العالم العربي، أو بعبارة أخرى (الأخبار المفرحة).
وعلى الرغم من ذلك فإن الشعوب العربية هي على الأرجح من أكثر الشعوب مرحاً وإقبالاً على الحياة، مقارنة بالحياة المتسمة بالبرود نوعاً ما في العالم الغربي، بل إن الحروب باتت مادة للفكاهة والتندر في بعض الأحيان، وربما كان ذلك لتخفيف حالة الاحتقان التي يشعر بها الفرد العربي، ولكن العربي في الصورة الذهنية العالمية بعيد عن المرح، فهو متشدد وغاضب وقابل للانفجار في أية لحظة عندما تسنح الظروف.
هذه الصورة المشوهة عن العالم العربي والمتكررة عبر وسائل الإعلام الأجنبية ووكالة الأنباء العالمية قد تفرز بعض السلبيات الخطيرة، أحدها خلق حالة من اللامبالاة العالمية تجاه أحداث العنف والحروب في المنطقة، كونها شيئاً متكرراً واعتيادياً في منطقة ملتهبة بالصراعات السياسية المعقدة التي يصعب حلها. وبالتالي لا يصبح هناك حافز نحو القيام بحل أو تقديم مساعدات دولية حقيقية تنقذ بعض شعوب المنطقة من أوضاعها السيئة كالشعب الفلسطيني إلا عندما تؤثر هذه الأحداث مباشرة في الحياة اليومية الغربية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244