Al Jazirah NewsPaper Friday  25/05/2007 G Issue 12657
الاقتصادية
الجمعة 8 جمادى الأول 1428   العدد  12657
بعد دلالات المضارع المستمر في حديث رئيس هيئة السوق المالية
إصلاح السوق يعني الحفاظ على المؤشر من الصعود والهبوط المبالغ فيهما

* د. حسن الشقطي *

أغلق مؤشر السوق هذا الأسبوع على ارتفاع بنسبة 1.97% وهو صعود يأتي في سياق متصل منذ شهر تقريباً عندما تحرك المؤشر في مسار ارتدادي صاعد من قاع 7174 نقطة في 23 أبريل الماضي، حقق من خلاله مساراً صاعداً معتدلاً في شكل أقرب للجانبي وبمعدلات سيولة عادية. فجميع المتداولين بالسوق حتى الآن وخلال الشهر الأخير لم يشعروا بأنهم يسيرون في مسار صاعد، ولكنه في الحقيقة مسار لموجة صاعدة جعلت المؤشر يربح 7.5%، فهل هذه المسارات أصبحت سمة التداولات في السوق؟ وهل هي تحدث تلقائياً أم بتدخلات مفتعلة؟ وإذا كانت ستستمر.. فهل تمثل فعلا الخيار الأمثل للسوق والاستثمار فيه؟

المؤشر يربح 7.5%

في مسار شهري

استكمل المؤشر مساره الصاعد البطيء من خلال سيره هذا الأسبوع في ذات المسار الأفقي غالباً. فقد ربح المؤشر يوم السبت 149.2 نقطة وحوالي 25 نقطة يوم الأحد، ثم 50 نقطة يوم الاثنين، ثم انكسر مساره الصاعد يوم الثلاثاء ليخسر 63.7 نقطة، ويخسر يوم الاربعاء 11.7 نقطة. وعليه، يكون المؤشر قد ربح على مدى كامل تداولات الأسبوع 148.9 نقطة أو ما يعادل 1.97%، وهي النسبة التي تتساوى تماما مع ربحيته يوم السبت. وعليه، يكون المؤشر قد ربح حوالي 4.3% في الأسبوعين الماضيين، ونحو 7.5% على مدى الشهر الماضي. أي أن مسار الشهر الأخير هو مسار صاعد.. ولكن.. لماذا لم يحتف المتداولين بهذا المسار الصاعد؟

مسار صاعد بلا احتفاء؟

رغم أن المؤشر ربح 7.5% على مدى الفترة من 23 أبريل وحتى إغلاق الأربعاء الماضي، إلا أن المتداولين لم يظهروا احتفاءً أو سعادة بهذا المسار كما لو أنه لم يحدث. وهذه الحالة لا تعني أن عزوفا حل بالسوق أو أن المتداولين أصبحوا غير مبالين بحركة السوق ومؤشره، ولكنها تعني أنهم غير مقتنعين بالنسب التي يعطيها هذا المسار. كما أصبحت لديهم قناعة في قوة تماسك المؤشر داخل نطاق معين لدرجة أن الكثيرين يتوقعون تحركه في اتجاه معين في وقت معين وتصدق توقعاتهم. كما أن حالة الجمود التي أصابت أسهم المضاربات التي تنعش مزاج المتداولين تسببت في سيادة روح تشاؤمية الحصول على النسب التي يرغبونها. إن متداولي هذه الفترة جميعهم من حقبة يناير وفبراير 2006، تلك الحقبة التي اعتادوا فيها على النسب القصوى لأسهمهم ولمؤشر السوق. إن ربح المؤشر 2% أسبوعياً لا يسعد المتداولين نتيجة التعود على ما هو أكبر.

جني الأرباح الاضطراري

خلال يومي الثلاثاء والأربعاء حدث تراجع لغالبية الأسهم في السوق، ولا يوجد مبرر سوى جني الأرباح. فرغم أن خبر سابك تأكد صباح الثلاثاء، إلا أن السهم خسر 2.49% من قميته في نفس اليوم. وهذا السيناريو معروف ولعل المتداولين توقعوا حدوثه. فالجميع كان يعرف أن سابك عند تُأكد خبرها سيجني المتداولين فيه أرباحهم. وبالطبع كان متوقعاً أن تتسبب سابك في جني أرباح لكامل السوق بطبيعتها، والذي تسبب في تدني حجم السيولة المتداولة يوم الأربعاء حتى وصلت إلى 9.1 مليار ريال. ورغم ذلك، فقد شهد قطاع الأسمنت صعوداً شبه كلي يوم الأربعاء.. بالشكل الذي جعل السوق يغلق في هذا الأسبوع على ارتفاع لنحو 54 سهماً وهبوط نحو 28 سهماً وعدم تغير 8 أسهم. وقد سيطرت أسهم الأسمنت والقطاع الصناعي والبنوك على الأسهم التي حظيت بالارتفاع الملموس هذا الأسبوع.

حدود التدخل في حركة التداول

من أبرز النقاط التي تبرز الشفافية في حديث رئيس هيئة السوق المالية قبل ثلاث أيام في إحدى الفعاليات هي إشارته إلى أن الهيئة تتجنب التدخل المباشر في السوق، بما يدلل أنه لا يوجد تدخل مباشر ولكن تدخل في سياق غير مباشر. وأياً كان شكل التدخل، فإن نتيجته تبدو من خلال مسار متماسك سواء كان صعوداً أو هبوطاً. فالتدخل يتخوف منه المتداولون لأنهم يأخذونه على أنه منع أو تقييد لحركة المؤشر عن الوصول إلى مستويات صعود مرغوبة.. ولكن ذلك مفهوم خاطئ لأن التدخل يعني منع صعود أو هبوط المؤشر لمستويات مبالغ فيها ولا تعبر عن الأداء الفعلي للسوق والشركات المدرجة فيه.

إن الجميع لا يتصور أن يكون السوق أو المؤشر بلا تدخل في ظل فترة إصلاح لمسار فقاعي لقمة أبعد ما تكون عن أداء الشركات. فبدون تدخل لا يوجد سوى مسار واحد للمؤشر إما صعوداً وإما هبوطاً، فما بالنا إذا توقعنا أنه لم يوجد تدخل خلال الفترة من فبراير 2006 وحتى الآن، بالطبع إما أن المؤشر كان سيظل عند 20 ألفاً وما كان ليقف عندها، بل كان سيرتقي للمزيد، أو أنه سيهبط إلى مستواه الحالي مرة واحدة يعني كل يوم بالنسبة القصوى، أي أنه كان سيهبط من 20635 نقطة إلى 7709 نقطة خلال (10) أيام فقط. وعندها كنا سنتحدث عن انهيار شامل وليس عن تصحيح متدرج كما حدث. إن هذا التدخل يتم بشكل الاستحثاث وهو أمر حدث ويحدث في كل أسواق المال العالمية التي عانت من الصعود الفقاعي المبالغ فيه. إن السوق الأمريكي (مؤشر ناسداك) تم تصحيحه من فقاعته في عام 2000 على مدى عامين لكيلا يتحول التصحيح إلى انهيار.

إعادة الثقة والاستقرار للسوق

من الملفت للانتباه في كل أحاديث معالي رئيس هيئة السوق أنه يصيغها غالباً بصيغة المضارع المستمر. فعند تقييمه للسوق حاليا، أشار إلى أن هيئة السوق تواجه تحدياً كبيراً لإعادة الاستقرار والثقة للسوق وتجاوز تبعات الهبوط الكبير الذي ضرب السوق، بما يعطي مدلولاً إلى استمرارية هذا الوضع حتى هذه اللحظة، كما يمكن بناء عليه التكهن باستمراريته في بعض المستقبل. كما أشار رئيس الهيئة إلى أن نزولاً كبيراً حدث بعد ارتفاع كبير والتحدي الذي يواجهنا هو تجاوز تبعات الهبوط الكبير وإعادة الاستقرار. ولعله يسعى هنا بطريق غير مباشر لتصحيح مفهوم لا يزال سائداً حتى هذه اللحظة، وهو انتظار بعض المساهمين بل تساؤلهم حول لماذا لم يعد المؤشر لسابق عهده عند 20 ألف نقطة طالما تم إصلاح السوق؟ فالكثيرون عندما تتحدث هيئة السوق عن إجراءاتها الإصلاحية وسياساتها الاستقرارية يتساءلون أين العشرين ألف نقطة إذا كنتم صادقين في إصلاحاتكم ؟ للأسف، إن إصلاح السوق يعني أنه لن يصعد المؤشر إلى 20 ألف نقطة إلا بحق، أي أن الإصلاح في حقيقته يعني الحفاظ على المؤشر من الصعود المبالغ فيه وأيضا ضد الهبوط المبالغ فيه.

قطاع للبتروكيماويات؟

عندما يتحدث أي محلل أجنبي عن سوق الأسهم السعودي فإنه يتصور أن هذا السوق سوف تحتل فيه شركات الطاقة مكانة الريادة ، وسيعتقد بما لا يدع مجالاً للشك أن السوق يتضمن قطاعين رئيسيين، هما قطاعا البترول والبتروكيماويات. إلا أن الواقع حتى هذه اللحظة يشير إلى عكس ذلك، فلا شركات بترولية، وقطاع البتروكيماويات الذي يمثل القطاع الواعد في الحاضر والمستقبل لا يزال عدد الشركات التي تنتمي ضئيلة ولا تذكر، فالقطاع البتروكيماوي يضم حالياً في عدد قليل من الشركات. ولكن في ظل خروج سابك عن نطاق المحلية، ونجاحها في الاستحواذ على قطاع الصناعات البلاستيكية في شركة جنرال إلكتريك، ومن قبلها صفقة قطاع أعمال البتروكيماويات في شركة (دي إس إم) الأوروبية، وقطاع أعمال صناعة الكيماويات الأساسية والبوليمرات في شركة (هنتسمان) للبتروكيماويات المحدودة بالمملكة المتحدة.. فإنها ربما بدأت تعطي ملامح لقطاع بتروكيماوي جديد بقيادتها، بل هي بصورتها الحالية تعد قطاعاً، وذلك أنها تساهم في قيمة رسملة السوق بنحو 27%، كما أن قيمتها السوقية تزيد عن القيمة السوقية لقطاعات الأسمنت والخدمات والتأمين والزراعة مجتمعة.

المساهمون حائرون

لا يزال صدى تقرير HSBC الذي يؤكد على أن السعر السوقي لسابك لا يزال أقل من قيمته العادلة، والتي حددها التقرير عند 155 ريالاً. وحتى بعد أن خف صدى هذا التقرير منذ أسبوعين عاد بقوة للظهور من جديد مع الإعلان عن نجاح إدارة سابك في اتمام صفقة شراء قطاع الصناعات البلاستيكية في شركة جنرال إلكتريك. فالشركة لم تعلن سوى عن معلومات بأن الصفقة تمت بقيمة 11.6 مليار دولار، وأن حجم مبيعات الشركة في العام الماضي بلغت 6.6 مليار دولار. بالطبع هذه المعلومات لا يمكن التعويل عليها في التكهن بتأثير هذه الصفقة على أداء الشركة. باختصار إن التركيز على توصية تقرير مالي مستقل بهذا الشكل يثير الانتباه ويدفع الفرد للتفكير في مغزى تكراره وتكرار توصياته كمن يسعى بجد للتأثير في قرارات المستثمرين في السوق أو من جانب آخر للتأثير بقوة في تحركات السهم. إنه لا خلاف على قوة سابك، إلا أن تقييم الصفقة لا بد أن يتم حسب المعلومات التفصيلية عنها، وهو الأمر الذي لم يعلن حتى الآن، وبالتالي لا ينبغي التعويل كثيرا على كل صفقة وما تحققه والأمر يتطلب التروي في بناء القرار السليم بناء على دراسة ومنهج علمي ثابت. ولعل ما يؤكد مثل هذه الرؤية أن السهم ارتفعت قيمته في السوق عندما شاع الخبر عن الصفقة، وانخفضت قيمته عندما تأكد الخبر.

فصل جديد في مآسي المساهمين

تم الإعلان عن انعقاد الجمعية العمومية لشركة إنعام يوم الأحد الماضي، ثم أعلن الاثنين أن الجمعية لم تنعقد لعدم اكتمال النصاب (أي لم يحضر مساهمون يمتلكون حوالي 50% من رأس مال الشركة). إن فشل انعقاد الجمعية أثار ريبة المساهمين لدرجة أن بعضهم بدا كما لو فقد الأمل في الانفكاك عن هذا التعليق. البعض أخذ يكيف نفسه على خسارة كامل رأس المال، في حين أن البعض الآخر ظل في حكم المترقب للغيث. ويفترض أن يتم خلال 25 يوماً من اليوم توجيه دعوة ثانية لعقد اجتماع ثان ويعتبر الاجتماع الثاني صحيحاً أيا كان عدد الأسهم الممثلة، وذلك كما تنص المادة (91) من نظام الشركات. هذا وينبغي معرفة أن نشر الدعوة لانعقاد الجمعية قبل موعد انعقادها يشكل عنصر مهماً في نجاح اكتمال النصاب وتمثيل المساهمين، حيث إن المادة (88) من نظام الشركات تنص على ضرورة أن تنشر الدعوة لانعقاد الجمعية العامة في الجريدة الرسمية وصحيفة يومية توزع في المركز الرئيسي للشركة قبل الميعاد المحدد للانعقاد بخمسة وعشرين يوماً على الأقل. رغم أن النظام إجاز اذا كانت جميع الأسهم اسمية الاكتفاء بتوجيه الدعوة في الميعاد المذكور بخطابات مسجلة. باختصار، فإن جمعية أخرى ستنعقد قريبا وينبغي على المساهمين حضورها للنظر في موقفهم والسعي للمشاركة في اتخاذ القرارات، وبخاصة أنها يفترض أن تكون مصيرية لهم.

(*) محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد