يظل الوضع في العراق مؤرقاً ليس للعراقيين فقط بل لجميع أبناء الأمة، فاستمرار عدم الاستقرار يعني تكبيل قدرة العراقيين على الحياة بشكل آمن، مع إخراج العراق من معادلة التوازن في المنطقة لصالح أشقائه، وبالنسبة للسلبيات الأخرى، فإن تتابع الأحداث يظهر كيف أن العراق تحول إلى مرتع لجميع جماعات الإرهاب والخارجين عن القانون ونهازي الفرص الذين يطيب لهم الصيد في المياه العكرة، وعلى ذلك فإن هذه السلبيات التي تغطي الارض العراقية من أقصاها إلى أقصاها هي البيئة المثلى لكثيرين، وهم يعملون بجد من أجل استمرارها ودوامها.
سمو وزير الداخلية أشار عقب الاجتماع التشاوري لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون إلى بعض من جوانب هذه الصورة السلبية وانعاكاساتها على دول الجوار بما فيها المملكة وشقيقاتها الأخريات في دول مجلس التعاون، ولعل أبرز هذه السلبيات تحول العراق إلى بيئة حاضنة للارهاب.
لقد بذلت المملكة جهوداً متواصلة من أجل إعادة العراق دولة فاعلة في محيطها العربي الإسلامي، وذلك من خلال دعم تحركات السلام فضلاً عما تقوم به المملكة كعضو فاعل في المجتمع الدولي للوصول إلى هدف تعافي العراق.
ومن المهم دائماً أن تتواصل مثل هذه المساعي، لأن التوقف عنها يعني استمرار انحدار العراق نحو المزيد من المهالك والتردي في غياهب العنف والإرهاب، كما أن من المهم أن يتواصل العمل الجماعي خليجياً وعربياً ودولياً لاستثمار أية بادرة في المحيط الداخلي العراقي باتجاه التسوية، وذلك من خلال عملية متواصلة تعزز من تلك المبادرات وتدعمها.
وعندما تقود دول المنطقة ذاتها مبادرات التسوية فإنها تكون أقرب إلى تلمس المصاعب القائمة، كما أنها الأكثر قدرة على التعاطي مع مختلف الفئات والجماعات العراقية وذلك بسبب العلاقات التقليدية القائمة، وقد يعين ذلك كثيراً في الوصول مباشرة إلى النقاط المهمة في سبيل الدفع بعناصر الحل.
كما أن دول المنطقة هي التي لديها الحوافز الأكثر لمثل هذه التحركات، فبجانب حرصها على سلامة العراق، فإنه يهمها أيضاً سلامتها وتجينب أراضيها التداعيات السلبية الواضحة والظاهرة، ومن ذلك موجات الإرهاب المتعاظمة والتي وجدت البيئة المثلى في دولة مضطربة.
وبالمقابل فإن التخلص من الإرهاب يعني إطلاق قدرات فاعلة تسهم في الحل بدلاً من انكفاء كل دولة على المصاعب الداخلية الناجمة عن الإرهاب والانصراف بالتالي عن المصاعب ذات السمة القومية، بما في ذلك الأمن الجماعي والتعاون الخلاق في مجال هذا الأمن وهو إحدى الوسائل الناجعة من أجل مواجهة المشاكل بصورة جماعية.
إن كل جهد جاد ومتواصل باتجاه التسوية في العراق يقود إلى إيجابيات على كامل الحالة العربية من جهة إعادة العراق قوياً متعافى ومن جهة إعادة الثقة إلى فاعلية العمل العربي المشترك وبالتالي الانتقال إلى مرحلة أخرى تكون فيها الأمة أكثر قدرة على مواجهة التحديات وما أكثرها في الساحة العربية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244