امتدت السلبيات العربية التي تفيد منها إسرائيل من جنوب فلسطين إلى شمال لبنان، وبينما ظلت إسرائيل تشارك في تعميق المأساة في غزة من خلال الاغتيالات والتصفيات في ظل استمرار قتال الإخوة، فإن اهتمامها يتركز الآن أيضاً على الاشتباكات اللبنانية الفلسطينية في مخيم البارد بشمال لبنان وهي الاشتباكات التي اندلعت فجر أمس لكنها أسفرت حال تفجرها عن مصرع 11 شخصاً الأمر الذي يشير إلى عنفها وشدتها.
وفي كل الأحوال فإن المستفيد الأول من كل ما يجري هو إسرائيل، خصوصاً وأن من ضمن إستراتيجيتها إيجاد مثل هذه الأوضاع السلبية بكل ما أوتيت من قوة، وهي بالفعل تسعى للتسلل بين مختلف القوى العربية بما في ذلك الفصائل المسلحة للإيقاع بينها، وهي استطاعت بالفعل القيام باختراقات واسعة في الأراضي الفلسطينية من خلال شبكة ممن يعرفون ب(المتعاونين) الذين يساعدونها في تصفية قيادات المقاومة.. لكن أن تقوم القوى المقاتلة سواء في فلسطين أو لبنان بنفسها بالانزلاق إلى اشتباكات مع بعضها البعض فإن ذلك يجنب إسرائيل الكثير من المصاعب، وتكون الفصائل بذلك قدمت لها على طبق من ذهب ما تريده.
ويبقى الهدف الدائم لإسرائيل أن تنشغل الساحة العربية بمشاكلها ومنغصاتها حتى تستطيع هي أن تمضي قدماً في مشروعاتها التوسعية والاستيطانية، وهو الأمر الذي يحدث الآن، فقد تم مؤخراً الإعلان عن إقامة 20 ألف وحدة سكنية جديدة للمستوطنين في محيط مدينة القدس المحتلة، ويزيد ذلك من مساحات الكيانات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية.
ومن المهم المسارعة عربياً للتقليل من حجم هذه السلبيات إن لم تكن إزالتها بالكامل، حتى تستطيع الأمة العربية الوقوف على أرجلها ومواجهة مسؤولياتها بكل ما تستحقه هذه المواجهة من استعداد متكامل الجوانب، يشمل خصوصاً التخلص من هذه الخلافات التي تنخر في جسدها وتحد من فعاليتها، ومن ثم المضي قدماً نحو دعم آليات وتحركات السلام من خلال جبهة متوحدة ومتوافقة وقادرة على الدفع بالأولويات العربية إلى مقدمة الأجندة الدولية التي تستوجب اهتمام ودعم الجميع.
ما يحدث في شمال لبنان، يتطلب إذن تحركاً سريعاً وفاعلاً، حتى لا يتحول حالة مزمنة كتلك الموجودة في غزة، فالمعالجات السريعة والحصيفة مطلوبة بشدة من أجل التقليل من بؤر الخلافات العربية، ومثل هذا الإنجاز لو تحقق، هو أمر ضروري لأنه يعيد قدراً من الثقة في إمكانية الأمة على تطويق صراعاتها وحلها بقدراتها الذاتية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244