اعترافات مدبري عملية الهجوم الفاشلة على مرفق أبقيق النفطية، كشفت عن الكثير من الحقائق لعل أبرزها، عدم إدراك الإرهابيين للكثير مما هم مقبلون عليه حتى قبل شن العملية بوقت قصير، فضلاً عن جهلهم بمدى حجم الأضرار التي كان يمكن أن يتسببوا فيها، فهم مجرد أدوات تنفذ مخططات كبرى ترمي للأضرار بالوطن والمواطنين، ويشير ذلك إلى استلاب الإرادة لدى هؤلاء الشباب، وانهم يتحركون فقط بأوامر تأتيهم من الخارج دون أن يكون لهم سوى دور المنفذ الجاهل الذي يلقى حتفه.
وتكشف المسألة في مجملها التأثيرات القوية التي تتم ممارستها على هؤلاء السذج إلى الدرجة التي ينقادون فيها دون أدنى تفكير لتقديم أرواحهم من أجل أهداف لا يعرفون كنهها، ومن الواضح أن عمليات التأثير هذه تركز على استعداد هؤلاء النفسي للغواية والامتثال تحت مختلف المبررات، ولا بد أن الكثير من آليات الإقناع تستثمر الاندفاع الطوعي لهؤلاء خصوصاً عندما يجري تغليف الحديث زوراً وبهتاناً بالجهاد والاستشهاد والكثير من العناوين الآخر التي تلجأ إليها الجماعات الإرهابية من أجل الوصول إلى أهدافها.
بعض الاعترافات أشارت إلى جهل المنفذين بحجم الخسائر البشرية فيما لو قدر لمؤامرة أبقيق أن تتم، ومن الواضح أن حجم المواد المتفجرة كان يكفي للقضاء موتاً على الآلاف من سكان المنطقة، لكن هؤلاء يقولون إن المهم ليس كم عدد القتلى الذين يسقطون بقدر أهمية استدراج الولايات المتحدة إلى المنطقة والدخول معها في مواجهة، أي أن المواجهة المتصورة مع أمريكا ستتم فوق جثث مواطني وأهل هؤلاء الشباب المغرر بهم.
إن كشف هذه المؤامرة الدنيئة قد أنقذ البلاد من كارثة حقيقية تتمثل أولاً في فقدان الكثيرين من المواطنين فضلاً عن تدمير أحد أهم المنشآت النفطية في المملكة، إذ إن معامل أبقيق تمر عبرها 7 ملايين برميل من النفط يومياً، وتقدر هذه الكمية بثلثي الإنتاج اليومي للمملكة، ومن الواضح أننا كنا إزاء كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لا يقتصر أثرها على المملكة بل على العالم أجمع بالنظر إلى أن المملكة هي أكبر منتج للنفط في العالم، وبما يعني أن الإمدادات الدولية كانت ستتأثر بشدة مخلفة تداعيات ماحقة على مجمل الاقتصادات الدولية.
هذه الاعترافات التي تأتي عشية انعقاد القمة التشاورية لدول مجلس التعاون في الرياض، تؤكد مجدداً أهمية الانتقال بالتنسيق الأمني بين الدول الست إلى مراحل متطورة تتفق وخطورة التهديدات القائمة، فما جرى في أبقيق وغيرها ليس نهاية المطاف، كما أن الاعترافات تضمنت أن المخطط الإرهابي كان يرمي أيضاً إلى مهاجمة منشآت نفطية في كلٍ من الإمارات والكويت.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244