قال بعض خبراء السياسة: إن الحرب تبدأ بكلمة. دلالة على خطورة اللغة السياسية التي يستخدمها القادة. فبعض الخطب السياسية غير المحسوبة تؤجج الفتن، وتشعل الحروب، وبعض دول المنطقة العربية تعج بمثل هذه الخطب التحريضية مع الأسف.
فالساحة اللبنانية تميزت بالخطب السياسية المتصارعة بين قادة المعارضة والموالاة، وقد تضمنت اتهامات مضادة وصلت إلى حد الاتهام بالخيانة.
وإن كانت مثل هذه الخطب تتسبب في العنف في دول متقدمة مثل فرنسا، فمن باب أولى أن تتسبب في عنف أكبر في دول العالم النامي المحتقن أصلاً، والمثقل بالأزمات القابل للانفجار. وللاستدلال على ذلك يمكن الإحالة إلى ما جرى في فرنسا مؤخراً من أحداث عنف. فلقد شهدت فرنسا أحداث عنف خطيرة بسبب نتائج انتخابات الرئاسة التي شهدت خطباً سياسية حادة، وخصوصاً من قبل سيغولين روايال التي خسرت في الانتخابات. ولعل أخطر ما جاء في خطابها الأخير وقبل ساعات من يوم التصويت: إن هزيمتها أمام ساركوزي ستتسبب في اندلاع أعمال عنف في شوارع فرنسا. وكأنها بذلك أعطت ضوءاً أخضر لمناصريها بالتحرك العنيف فيما إذا خسرت الانتخابات. هكذا فهمها بعض المتحمسين لها. وفعلاً حصلت أحداث عنف شملت تكسير المحال التجارية وإحراق السيارات، فضلاً عن الاشتباكات مع رجال الشرطة، فجاءت الصورة مشابهة لبعض ما يجري في بلدان العالم الثالث إبان التصويت من (بلطجة) وعنترية تعكر صفو الانتخابات.
وعلى الرغم من عدم استطاعة المراقب أن يحيل أحداث العنف في فرنسا إلى عامل واحد، إلا أن الخطب السياسية الحادة والتحريضية قد تشعل فتيل العنف القابل للاشتعال أصلاً في مجتمع منقسم، كما حصل في فرنسا التي انقسمت حيال المرشحين، إذ إن 47 في المئة من الشعب الفرنسي لم يصوت لساركوزي الفائز؛ أي قرابة النصف.
وإن كانت فرنسا لم تحتمل هكذا خطباً، فكيف بالعالم العربي الذي تحيط به الصراعات من كل مكان، ولعل الخطوة الأولى نحو السلم الأهلي والدولي هو انتقاء اللغة السياسية الهادئة والداعية إلى السلام والبعد عن الخطب الداعية إلى الحرب.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244