لا يختلف اثنان على أن الأمير الراحل عبد الله الفيصل (رحمه الله) كان يعد رائداً من رواد الحركة الرياضية بالمملكة وأحد الرجال الأوفياء والمخلصين الذين كرسوا حياتهم وجهدهم من أجل تأسيس الرياضة على أرض صلبة، فهو (يرحمه الله) من وضع البذرة الأولى (الصحيحة) في حقل التأسيس وسقاها بماء الاهتمام والدعم والمتابعة حتى نمت نمواً سريعاً خاصة وأن علاقته بدأت في أوائل عقد الخمسينيات الهجرية من القرن الفارط التي جاءت متزامنة مع انطلاقة الحركة الرياضية بالمنطقة الغربية في الأربعينيات الهجرية وبعد توليه (يرحمه الله) منصب وزير الداخلية في أوائل الحقبة التسعينية الهجرية أنشأ إدارة الشؤون الرياضية لتكون الجهة المسؤولة عن تنظيم وإقامة المنافسات الرياضية بين الأندية المحلية ووضع إزاء ذلك القرار التاريخي عندما أنشأ الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية وضع ترتيبات المنافسات المحلية الرسمية فكانت أول مسابقة بطولة كأس الملك وكانت محصورة بين قطبي المنطقة الغربية (الاتحاد والوحدة) خلال الفترة من 1377 - 1380هـ وحظيت هذه المسابقة بدعم قوي ومباشر من الأمير الراحل حيث شكلت هذه المسابقة الجديدة نقطة تحول في انطلاقة المنافسة الشريفة بين الأندية المحلية لا سيما خلال عقد الثمانينيات الهجرية التي شهدت دخول أندية الوسطى والشرقية في هذا المضمار التنافسي فأعطت الرياضة السعودية صبغة تسويقية ونقلة كبيرة لبناء تنافس شريف فضلاً عن بروز نجوم كبار وأسماء لامعة استطاعت أن تمثل المنتخبات السعودية بمختلف المراحل السنية في تلك الحقبة.
* كان الأمير الراحل حريصاً على دعم الأندية خاصة تلك التي كانت تعاني من تواضع في إمكاناتها المادية والفنية حتى تستمر أنشطتها بلا توقف، فقد حظيت فرق الغربية في بداياتها التأسيسية بدعم قوي ومباشر وتمثل ذلك في حضوره العديد من المناسبات الرياضية وتقديم الجوائز والهدايا فضلاً عن تكفله لمصاريف سفر بعض الفرق للخارج للاطلاع والاحتكاك بالفرق المتقدمة كروياً كالاتحاد والأهلي.
وبالمقابل اهتم الأمير عبد الله الفيصل بأبنائه اللاعبين الذين كانوا يعانون من ظروف صحية قاسية ومنحهم جل اهتمامه ومنهم قائد فريق نجم الرياض الشباب الراحل عبد الله المهنا الشهير بلقب (عمر حامد) بعد عودته من الخارج بعدة أيام، وعندما علم الأمير عبد الله الفيصل بخبر رحيله تأثر كثيراً وكأنه أحد أبنائه وأمر بصرف مكافأة مالية لأهله، وهذا النموذج هو غيض من فيض من اللاعبين الذين تكفل بعلاجهم بالخارج على حسابه الخاص الأمر الذي يؤكد عنايته وحرصه (يرحمه الله) بأبنائه اللاعبين الذين كان يعتبرهم الثروة الحقيقية للرياضة السعودية والدعامة الأساسية لبناء الأندية وقيامها.
ومن المواقف التي تكشف إخلاص وتفاني هذا الرجل العصامي عندما استضاف معسكر المنتخب السعودي الأول لمدة خمسة أشهر أو تزيد في قصره بجدة وذلك استعدادا لدورة كأس الخليج الثانية بالرياض عام 1392هـ وكان (يرحمه الله) يتابع المعسكر ويتناول مع أبنائه اللاعبين وجبات الغداء والعشاء ويمازحهم ويدعمهم مادياً ومعنوياً بقصد إعطائهم راحة نفسية وإبعادهم عن ملل المعسكرات وقيودها، يقول أسطورة الكرة بالمنطقة الوسطى ونجمها الفذ مبارك الناصر أحد نجوم تلك الدورة عن فقيد الرياضة.. خلال فترة تحضيرنا لدورة كأس الخليج الثانية والتي عسكرنا في المنطقة الغربية تحت إشراف ومتابعة مباشرة من رائد الرياضة حرص على توفير كل شيء للاعبين حتى لحم الغزلان أكلناها!!
انتهى كلام الناصر!!
إنها صورة رائعة تكشف وبجلاء الخدمات الجليلة والدعم اللامحدود الذي جسده الأمير الراحل وأياديه البيضاء على الرياضية السعودية التي ستبقى خالدة في الذاكرة الرياضية.
رحم الله الأمير عبد الله الفيصل.. رحم الله هذا الرمز الكبير الذي وضع اللمسات الأساسية لإعمار كيان الرياضة السعودية.. رحم الله رائد الرياضة العصامي الذي ترك بصمات واضحة في مسيرة الرياضة بالمملكة ستظل محفورة في الأذهان والوجدان للأجيال القادمة.