اختتمت يوم الاثنين الماضي بالمنامة أعمال الندوة الفقهية لقضايا الزكاة التي نظمها مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالتعاون مع الهيئة العالمية للزكاة برعاية وزارة العدل والشؤون الإسلامية بمملكة البحرين في الفترة 5-7 مايو 2007م. وبعد العرض الذي قدمه الشيخ صالح كامل رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة انتهت الندوة إلى عدة نقاط، منها: التعبير عن حاجة الأمة الإسلامية إلى تنظيم الزكاة على قاعدة مؤسسية جمعاً وتحصيلاً بشكل معاصر منضبط بالأحكام الشرعية، والإشادة بقرار الهيئة العالمية للزكاة، وحث الحكومات والغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال والأفراد ومراكز البحث والجهات ذات العلاقة لدعمها ومساندتها، والسماح لها بإنشاء الهيئات الخاصة بكل دولة أو إتاحة الفرصة للاستفادة من المؤسسات الزكوية المحلية في دعم جهود الهيئة، كما أن على الهيئة العالمية للزكاة العمل على تدريب العاملين في نطاقها وإجراء التنسيق اللازم لتبادل الخبرات بين الدول والهيئات المختصة بموضوع الزكاة.
وقدَّمت الندوة عدداً من التوصيات تمثلت في حثّ الأفراد على دفع زكواتهم إلى الهيئات التي تنشأ بترخيص من الدول ضماناً لوصولها إلى مستحقيها وتفعيلاً لدورها دينياً وتنموياً واجتماعياً واقتصادياً، والاهتمام بالجانب الإعلامي للزكاة باستخدام كافة وسائل الإعلام المرئي والمسموع وغيرها لتوعية المجتمع بمكانتها وأهميتها ودورها. وكذلك وضع معايير شرعية ومحاسبية لأوعية الزكاة على مستوى الأمة الإسلامية، لكل وعاء معياره الزكوي الخاص به. وأيضاً وضع نماذج محاسبية زكوية تمثل إرشادات لحساب وعاء كل زكاة تساعد في التطبيق العملي في ضوء المعايير الزكوية الشرعية.
وفيما يتعلق بأوعية الزكاة؛ الأموال والأنصبة والمقادير الواجبة، فقد أوصت الندوة بمراعاة ما انتهت إليه المجامع الفقهية وندوات الهيئة الشرعية العالمية للزكاة لقضايا الزكاة المعاصرة بشأن أوعية الزكاة من حيث استيعابها والاجتهادات الموسعة لها، بما يؤدي إليه ذلك من زيادة حصيلة الزكاة. وبالنسبة إلى نقلها من مكان إلى آخر أوصت الندوة بجواز نقل الزكاة من مكان المال الواجب فيه بعد كفاية أهل ذلك المكان نسبياً بإزالة صفة العوز عنهم طبقاً للمذاهب الفقهية، والتأمين على ما صدر من الندوة الأولى والثانية لقضايا الزكاة المعاصرة في هذا الشأن. كما أوصت الندوة بجواز استثمار أموال الزكاة التي يتأخر صرفها أو التي تفيض عن سدّ الحاجة الأساسية أو مقتضى المصلحة، كما أوصت بجواز تمليك مستحقي الزكاة القادرين على الاكتساب أصولاً دارة للدخل أو الريع مثل آلات الحرفة أو المستغلات العقارية، وإقامة مشروعات إنتاجية من مال الزكاة وتمليك أسهمها لمستحقي الزكاة، حيث يكون المشروع مملوكاً لهم ومستحقين لأرباحه أو ريعه، إضافة إلى جواز إقامة مشروعات خدمية من مال الزكاة؛ مثل المدارس والمراكز الصحية والملاجئ؛ حيث يقتصر نفعها على مستحقي الزكاة. كما شملت التوصيات التطبيقات المستجدة في مصارف الزكاة؛ حيث أوصت الندوة بإنشاء صناديق خاصة من أموال الزكاة لسدّ الاحتياجات المختلفة للفقراء وإعطاء المستحقين للزكاة الكفاية لهم ولمن يعولون وتمليكهم أدوات الحرفة. وفي مصرف العاملين عليها أوصت الندوة بضرورة أن تتمتع مؤسسة الزكاة باستقلالية إدارية عن بقية أجهزة الدولة الأخرى. وفي المؤلفة قلوبهم أوصت الندوة بجواز تقديم الدعم من أموال الزكاة للمنكوبين من غير المسلمين في مناطق الكوارث والزلازل والفيضانات والمجاعات تأليفاً لقلوبهم، وكذلك إعطائها لجماعات الضغط ومتخذي القرارات ورجال الإعلام لنصرة قضايا المسلمين، إضافة إلى توصيات أخرى.
هذا، وقد شارك في هذه الندوة لفيف من الفقهاء والاقتصاديين، منهم: د. يوسف القرضاوي، محمد المختار السلامي، عبد الله بن منيع، د. عبد الستار أبو غدة، د. أحمد محيي الدين أحمد، د. أحمد علي عبد الله، د. محمد سعيد البوطي، د. محمد عثمان شبير، د. الخضر علي إدريس، د. عجيل جاسم النشمي، د. كوثر عبد الفتاح الأبجي، د. أنكو ربيعة، إضافة إلى آخرين.
وقد خاطب هذه الندوة كل من معالي الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية بمملكة البحرين، والشيخ صالح عبد الله كامل رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، ومعالي الدكتور الحبيب بن الخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة.