Al Jazirah NewsPaper Tuesday  08/05/2007 G Issue 12640
رأي الجزيرة
الثلاثاء 21 ربيع الثاني 1428   العدد  12640
ملامح فرنسا الجديدة

لا يمكن تبين كل شيء في لحظات الانتصار الطاغي والفرح العارم بالفوز، وذلك هو الحال مع ساركوزي المنتصر في الانتخابات الفرنسية، فهو قال كلاماً عاماً حول ملامح سياسته، ولهذا فلا يمكن الحكم على الرجل وعلى أجندته واستراتيجيته، بعد دقائق من إعلان الفوز، إذ إن الكلام يكون في العادة في مثل هذه الظروف مليئاً بالعاطفة والامتنان والتقدير والشكر لمن انتخبوه، ومع ذلك فقد أفصح ساركوزي عن عدد من النقاط جديرة بالتوقف عندها.

وبحكم العلاقة التقليدية الوطيدة بين فرنسا ومنطقتنا العربية فقد كانت هناك توقعات أن يمر ولو سريعاً على النقاط الساخنة بدءاً من فلسطين إلى العراق مروراً بلبنان، الذي يحتفظ بعلاقة خاصة مع باريس، لكن السيد ساركوزي ربما اختار أن يجمل المنطقة في الفقرة التي تحدث فيها عن العلاقات المتوسطية الفرنسية وصولاً إلى إفريقيا، ومن ثم فإنه يتعين الانتظار حتى تتاح الفرصة لمعرفة كيفية تعاطي القادم الجديد إلى قصر الإليزية مع المصاعب القائمة، لكن هناك بالطبع مواضيع لا تنتظر، وقد يجد ساركوزي نفسه بعد يوم أو يومين وقد غرق تماماً في الملف اللبناني حيث يتعاظم الحديث عن محكمة الحريري وما إذا كان سيتم تشكيلها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

غير أن الإشارة إلى إفريقيا تمس من قريب ملايين المهاجرين القدماء والجدد في فرنسا، وما يسببه ذلك الوجود في بعض جوانبه من حساسيات ارتبطت كثيراً بسياسات ساركوزي عندما كان وزيراً للداخلية، وهو هنا قد يحاول طمأنة الجميع بشأن السياسات تجاه المهاجرين ومعظمهم من القارة السمراء.

وكان جديراً بالملاحظة خلال خطاب الانتصار تلك الإشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قال ساركوزي: (إن واشنطن يمكنها أن تعول كثيراً على صداقة فرنسا)، لكنه أردف ذلك بالقول: (إن الصداقة الحقيقية تسمح باختلاف وجهات النظر بين الأصدقاء). وساركوزي هنا يعيد إلى الأذهان الفكرة المحورية في السياسة الفرنسية التقليدية التي تتمسك بالاستقلال في المواقف.

بالطبع فقد استحوذ الوضع الأوروبي على الجانب الأعظم من حديثه عن السياسة الخارجية، وذلك على الرغم من أن الحالة الأوروبية بعد التطورات الوحدوية بين دول القارة لم تعد شأناً خارجياً، فقد أكد ساركوزي أن بلاده (فرنسا عادت هذا المساء إلى أوروبا) وفي ذلك إشارة إلى دور حيوي لباريس في مجمل السياسة الأوروبية بقدر يتجاوز ما تم سابقاً.. وسيكون من المثير للاهتمام الانتظار لرؤية ما تحمله الأيام وربما الشهور المقبلة من لمحات هنا وهناك عما يود ساركوزي أن يقوم به، لكن المنطقة العربية الحبلى بالمشاكل والمصاعب ستقود الرجل حتماً إلى التعاطي مع ما يحدث، فذلك قدر فرنسا أن تكون دائماً لاعباً أساسياً في أوضاع المنطقة، والأمل هو أن تكون التحركات الجديدة على قدر من الفاعلية التي تتيح حلحلة ما هو قائم وبالقدر الذي ينحاز إلى العدل والسلام وإعادة الحقوق إلى أهلها.

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد