لا يمكن للعراق أن ينعم بالاستقرار السياسي ويحظى شعبه بالأمن إلا إذا انتصر مفهوم المصالحة والشعور الوطني على مفهوم الانتقام والأحقاد الطائفية. فذلك شرط أساسي وخطوة أولى يجب تنفيذها قبل أية خطوة أخرى، لأن غياب هذا الشرط سيجعل كل الخطط الأمنية لا قيمة لها إن لم تصب بدورها الزيت على النار. فالأحقاد الطائفية هي التي تولد العنف والعنف المضاد، والمصيبة الأكبر عندما تتورط قيادات في الحكومة في الفتنة الطائفية وتكون طرفا في الصراع.
وقبل يوم من انعقاد مؤتمر العهد الدولي الجديد للعراق والذي عقد في شرم الشيخ المصرية صدر تقرير عن لجنة في الكونجرس الأمريكي يقول إن القيادة العراقية تغض الطرف عن اعتداءات الميليشيات الشيعية على مجموعات دينية أخرى (بمن فيها السنة) في العراق، وإن عنف هذه الميليشيات يمتد من الاعتداءات إلى عمليات الخطف والاغتصاب وعمليات الإعدام غير القانوني. كما ذهبت اللجنة إلى أن التقارير التي تتهم قيادات في الحكومة العراقية بحماية المجرمين هي تقارير صادقة وطالبت اللجنة بممارسة ضغوط على القيادة العراقية من أجل الحد من العنف.
ولا تستطيع الدول الأخرى أن تساعد العراق لتوفير الأمن لأهله إلا إذا نأى السياسيون بأنفسهم عن الانزلاق نحو مستنقع الطائفية، وأبقت القيادات منهم على مسافة متساوية من جميع فئات الشعب بمختلف أطيافه ومذاهبه. فهناك فقط يمكن الحديث عن بارقة أمل نحو مصالحة تجمع الشعب العراقي على قلب رجل واحد، وتعميق الشعور بالانتماء لوطن واحد بعيد عن شبح الانقسامات الطائفية والسياسية.
ولقد جاء مؤتمر العهد الدولي الجديد مسلطا الضوء على هذه النقطة، فأكد على (ضرورة المصالحة بين الجماعات المختلفة بالعراق بالاضافة الى التقاسم العادل والمتساوي للموارد وتوسيع عملية الحوار واحترام حقوق الإنسان ومحاكمة منتهكيها بغض النظر عن انتماءاتهم ومعالجة مسألة الميليشيات). فالميليشيات التي تعتبر التطبيق العسكري البغيض للانتماءات المذهبية المتناقضة مع مبدأ المواطنة يجب أن تنتهي، ولا يمكن أن تنتهي طالما أنها تحظى بمباركة من بعض القيادات السياسية في الحكومة.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244