قال نايف بن صالح الراجحي الرئيس التنفيذي لشركة معمار للتطوير والبناء إن هناك حلولاً ضرورية ومهمة يجب اتباعها للعمل على خفض أسعار مواد البناء التي تشهد ارتفاعاً يومياً؛ كإيقاف تصدير المواد الأولية ومواد البناء، والقضاء على السوق السوداء وسماسرة مواد البناء، وكذلك إيجاد آلية للتعامل مع الزيادات المستمرة في أسعار المواد الأولية.
وأشار نايف الراجحي إلى أن هناك أيضاً عوامل خارجية يجب إيجاد أساليب وآليات للتعامل معها كعمليات الاستيراد وفتحها والجمارك ونسبتها.ووصف نايف الراجحي أن المؤسسات والشركات العقارية بدأت تستعيد ثقتها مع المواطنين بعد أن كانت هناك ممارسات خاطئة من قبل بعض المستثمرين في القطاع العقاري تسببت في إضعاف الثقة بين المستثمر والمستهلك، مؤكداً أن عدم تفعيل دور حماية المستهلك وغياب هيئة تنظم سوق العقار قد ساهما في هذا الجانب.. وفيما يلي نص حديثه:
* كثرت شكاوى المواطنين - مؤخراً - من الارتفاعات المتتالية لأسعار مواد البناء مما أثر سلباً في تشييد العديد من المباني والمشروعات السكنية؛ كعقاريين كيف تنظرون لذلك وما انعكاسات هذه الارتفاعات على سوق العقار بالمملكة؟
- لا شك أن سبب زيادة معدل الاستهلاك العالمي فضلاً عن ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة أسعار المواد الخام - الأولية - من مستلزمات الإنتاج وفي مقدمتها الخردة وإضافة لنشوء نهضة عمرانية في الخليج وإنشاء مشروعات جبارة في المملكة داخلياً مثل المدن الاقتصادية الجديدة وأيضاً للطلب المتزايد على مواد البناء داخلياً وخارجياً مع بقاء الحجم المعروض في السوق ثابتاً. ساهمت مع غيرها في ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء مما فاق القدرة الشرائية للكثير من الراغبين في البناء بل إن بعض المقاولين قد تورطوا في مشروعاتهم بسبب هذه الارتفاعات مما أثر سلباً على المستثمر والمواطن معاً، وأرى أن هناك حلولاً ضرورية ستساهم في خفض الأسعار؛ منها إيقاف تصدير المواد الأولية ومواد البناء والقضاء على السوق السوداء وعلى سماسرة مواد النباء وإيجاد آلية للتعامل مع هذه الزيادات الملاحظة في أسعار المواد الأولية. ولا شك أن لهذه الزيادات انعكاسها على سوق العقار؛ فالعقار أصلاً بناء يبنى وإذا قلَّ البناء للعقارات وزاد الطلب على استئجارها نتيجة تنامي أعداد الأسر فلا شك أن العقار سيرتفع بيعاً واستئجاراً. لذلك فنحن بحاجة إلى ضبط التذبذبات السعرية الناتجة عن عوامل داخلية خاصة لمادتي: الأسمنت والحديد.
أما العوامل الخارجية فنحن بحاجة إلى إيجاد أساليب وآليات للتعامل معها؛ كعمليات الاستيراد وفتحها والجمارك ونسبتها بل والشراء الجماعي بحيث تستمرى المشروعات حاجتها من المواد بكميات كبيرة كلها أسباب ستسهم في تخفيض الأسعار.
* هل ترون أن إنشاء المجمعات السكنية عبر الشركات العقارية بالأسعار القديمة ومن ثم تمليكها للمواطن بالأقساط كشقق يوفر عليه مبالغ أكثر؟ إذا ما قارنا ذلك بالتكاليف الحالية للوحدات السكنية؟
- بداية هذه الفكرة وإن كانت مطبقة في كثير من الدول وناجحة بشكل ملحوظ فهي طبقت هنا في المملكة على نطاق ضيق كونها حديثة النشأة حيث لمسنا أثناء تطبيقها بوادر لنجاحها خصوصاً وأنها في مجملها تعود بالمصلحة للمشتري - المواطن- بالدرجة الأولى، فبدلاً من ذهاب جزء من دخله على إيجارات لن تعود عليه سوى بالمنفعة فقط فهو هنا وبتكلفة مماثلة يخرج بتملك العين والمنفعة مع كامل التصرف، فنفعها يعم المواطن العادي والمستثمر على حد سواء، وأتمنى تفعيلها كمنتج عقاري جديد في أسواقنا وبخاصة في ظل صدور تنظيمات داعمة للعمل في هذا المجال كاللائحة التنفيذية لنظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها الصادرة من مجلس الوزراء بقرار رقم: (40) وتاريخ: 9-2-1423هـ.
* ولكن العديد من المواطنين فقدوا الثقة في الشركات العقارية وفضلوا شراء الأراضي وتنفيذ البناء عليها بإشراف مباشر منهم، ترى لماذا ضعفت ثقة المستهلك بالشركات العقارية وبرامجها التقسيطية؟
- حقيقة إن بعض الممارسات الخاطئة لبعض المستثمرين في السوق العقاري كانت باعثاً لضعف الثقة إضافة لعدم وجود هيئة لتنظيم السوق العقاري وعدم تفعيل دور حماية المستهلك، فكل ذلك أدى إلى انخفاض ثقة المواطن بالشركات والمؤسسات المستثمرة في القطاع العقاري مع أن هناك تغيراً ملحوظاً في بناء الثقة من جديد، حيث نجد أن كثيراً من الشركات تبيع مجمعاتها في وقت وجيز ويقبل عليها الراغبون خصوصاً في ظل انضباط عملها وسمعتها الحسنة، فمثلاً نحن طرحنا مشروع مجمع نور السكني الآن بشمال الرياض والذي يحتوي على شقق ودبلوكسات وفقاً لمواصفات عالمية، وعندما شعر العملاء بجدية الشركة وطرحها وجدنا إقبالاً شديداً من العملاء حتى أصبحنا نفاضل بين المتقدمين للشراء.
* برأيكم ما أبرز إشكاليات السوق العقارية الآن، وما الحلول من وجهة نظركم، وماذا تتوقعون له مستقبلاً في ظل الارتفاعات المتواصلة في أسعار كل ما له علاقة بالعقار؟
- السوق العقارية في المملكة بصورتها تعد سوقاً ناشئة مهما كان النظر إلى عمرها، وقد مرت بمشكلات فيما مضى من أهمها:
ما يتعلق بأسلوب تملك الأراضي فأصحاب الأراضي الكبيرة والمخططات أصبحوا يشكلون عاملاً من عوامل ارتفاع الأراضي، فحتى تصل الأرض إلى من يبني عليها تمر بعدد من التجار الذين يأخذ كل منهم حصته من الأرباح.
ثانياً: كل ما يتعلق بالأنظمة والتشريعات: فالسوق العقارية عندنا بحاجة إلى العناية بإيجاد النظم والتشريعات الضابطة لها ولأعطيك مثالاً على أمر تم إنجازه وكيف كان يمثل ثغرة كبيرة في الأنظمة وهو نظام الوحدات العقارية ونظام اتحاد الملاك وهي أمور تكن سوقنا بحاجة إليها نظراً لأن رغبة كثير من الناس كانت تتمثل في الفلل والوحدات السكنية الكبرى ولكن اليوم اتجه كثير من الناس إلى الشقق والوحدات السكنية الصغيرة في العمائر أو ضمن مشروعات سكنية، فجاء النظام ليضبط العمل في هذا المجال.
ومثال آخر: وهو مسألة فتح الارتفاعات أو زيادة الأدوار، ففي مدينة الرياض نجد أننا قد تأخرنا كثيراً في هذا المجال، نعم صدرت قرارات تتعلق بشوارع الثلاثين وستة وثلاثين أو شوارع وطرق معينة كطريق الملك فهد وطريق العليا ولكن هناك حاجة للنظر في الارتفاعات المأذون بها في شوارع الأربعين والستين والثمانين، بل إننا نتمنى زيادة عدد الأدوار في أحياء متكاملة خاصة في المخططات الجديدة.
وهناك أمر آخر: هو وجود مشكلات تنفيذية أو إجرائية، فأنظمة رخص البناء موجودة في بلادنا ولكن تنفيذها مشوب أحياناً بجوانب من الخلل منها مثلاً: التباطؤ في استخراج الرخص أو اختلاف التطبيق للمعايير المحددة ونحو ذلك. وبكل حال فإن حاجتنا ماسة لإيجاد أنظمة وتشريعات وأيضاً العناية بالثغرات في هذا الجانب وكذلك التطبيق الجيد للأنظمة وتفعيل الموجود منها.
* هل ترون أن هناك مشكلات أخرى خاصة فيما يتعلق بالتمويل في ظل تنامي دور المصارف التجارية؟
- نعم التمويل للمشاريع العقارية يعد مشكلة أمام المطورين والمنفذين لها وأمام - أيضاً - المستفيدين الراغبين في بيت العمر.
فأولاً: هناك حاجة إلى إيجاد أنظمة تتعلق بالتمويل وفتح منتجات تحويلية جديدة ومبتكرة في البنوك والمؤسسات في المجال العقاري.
كما أن هناك حاجة إلى إيجاد ضوابط تعطي الشركات والمصارف الأمان على حقوقها؛ فنظام الرهن العقاري على سبيل المثال لا زال العقاريون يرتقبون تفعيله بفارغ الصبر.
وأيضاً حفظ حقوق المؤسسات التمويلية من الناحية القضائية بل وتحتاج إلى عناية وتسهيل في اتخاذ الإجراءات في حق المتعثرين في السداد أو الممتنعين عنه.
* لكن هناك شركات تم الإعلان عنها مؤخراً للعمل في مجال التمويل؟
- أعلم هذا، فهناك شركات تمويل عقارية كالشركة التي ستنطلق أعمالها في الرياض كما أعلن ذلك رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية عبدالرحمن بن علي الجريسي.وهناك تحالفات أيضاً أعلن عنها بين شركات ومصارف داخلية وخارجية فيما يتعلق بالتمويل العقاري بل هناك شركات خاصة أعلنت عن خطوات في هذا الشأن وأيضاً الخطوة الكبيرة التي أعلنت عنها مصلحة معاشات التقاعد كبيرة جداً وطموحة ولكن الحاجة في السوق المحلية أكبر.وهذه الخطوات مع إيجابياتها إلا أنها تأخرت ولا بد أن يتزامن وجودها مع أنظمة وإجراءات تكفل بقاءها. كما أن تجربة صندوق التنمية العقاري وإن كان حكومياً توضح الحاجة إلى تلك الأنظمة والإجراءات فما عاناه الصندوق على مر تاريخه من تعثر السداد أو الامتناع عنه أو التأخر فيه يوضح ذلك.
* ما تقييمكم للدعم الذي يجده القطاع العقاري؟
- في ظل الاهتمام المتزايد من القيادة الرشيدة متمثلة في والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بالقطاع الخاص وثقتهما في دور هذا القطاع في تنمية اقتصاد المملكة والدعم الكبير وثقتهما في دور هذا القطاع في تنمية اقتصاد المملكة والدعم الكبير من القيادة الرشيدة للمبادرات التطويرية والاستثمارات العقارية الطموحة التي تسهم بشكل كبير في تنمية الاقتصاد السعودي، فإن وضع السوق السعودي يبشر بالخير فهو مهيأ في المرحلة المقبلة ليشهد انتعاشة كبيرة مع توفر المحفزات الاقتصادية خصوصاً وأن هناك توجهاً ملحوظاً من القيادة الحكيمة لوضع القوانين واللوائح التنظيمية لهذا القطاع.