مع ما تشهده بلادنا الغالية من ازدهار ورخاء اقتصادي شامل لكافة المجالات، فقد ازداد الطلب بشكل كبير على خدمات المكاتب الاستشارية المتخصصة في المساعدة في إعداد وعمل دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع التي تنوي بعض الجهات تنفيذها، ولا يقتصر ذلك على منشآت القطاع الخاص بل تجاوز ذلك إلى منشآت القطاع العام، الذي يحظى بطرح العديد من المشاريع الجديدة، والملاحظ أن المستفيد الأكبر من تلك الدراسات هي المكاتب الاستشارية الأجنبية بسبب الغياب شبه التام للمكاتب الاستشارية الوطنية المؤهلة (إلا ما ندر).
ولا يقتصر الأمر فقط على القيام بالدراسات بل تجاوز ذلك إلى التوسع بإنشاء فروع للمكاتب الاستشارية الأجنبية داخل المملكة مستغلة الفرص العديدة المتاحة في مختلف المجالات. ومن المؤسف أن لدينا أكثر من 50 مكتباً متخصصاً في عمل دراسات الجدوى الاقتصادية إلا أن نطاق عملها محدود جداً وهي بذلك تفوت على نفسها فرصاً كبيرةً وواعدةً جداً. ويعزى أحد الأسباب في ذلك إلى اكتفاء ملاك تلك المكاتب بإعطاء الترخيص إلى أحد المقيمين وفي الغالب من جنسيات عربية شقيقة بخبرات ومؤهلات محدودة وإهمال المكتب أو بناء انطباع خاطئ بأن هذا النوع من الأنشطة غير مجدٍ.
شخصياً اطلعت على أرقام فلكية تحصل عليها بيوت الخبرة من المكاتب الاستشارية الأجنبية العاملة في المملكة مقابل عمل بعض الدراسات المتخصصة، وكم أتمنى بأن يكون نصيب ابن الوطن منها شيئاً، فلدينا متخصصون ولديهم الإمكانات التامة لعمل دراسات الجدوى أو دراسات متخصصة لمختلف المجالات، إلا أنهم آثروا العمل على وظيفة مضمونة تاركين الكسب (الوافر) للأجنبي. كما أن أحد المعوقات هي (عقدة الأجنبي) لدينا في هذا المجال ففي الغالب تنظر بعض الجهات إلى المشروع من خلال من قام بإعداد الدراسة الخاصة به، وبسبب تزايد الطلب فإن بعض المكاتب الأجنبية لا تستطيع تأمين من يقوم بالدراسات فتلجأ إلى التعاقد مع متخصصين أجانب فقط لهذا المشروع لكي لا تفقد الفرص المتاحة.في اعتقادي أن الفرص متاحة لأبناء الوطن في هذا المجال الواعد جداً، إما للعمل بشكل مباشر أو حتى من خلال التحالف مع بعض المكاتب الأجنبية وتمثيلها في المملكة فابن الوطن أولى بخيراته من غيره. كما ومن المهم أن تمنح الفرصة قدر الإمكان لمكاتب الاستشارية الوطنية ومنحها الثقة لتبدع في هذا المجال.
Fax2325320@yahoo.com