تشكل زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي إلى المملكة العربية السعودية نافذة جديدة للعلاقات السعودية في مجالات صنع القرار الدولي والاقتصادي منه بالذات، فدولة اليابان وبالرغم مما تشكله شخصيتها الدولية اقتصادياً وتكنولوجياً أصبحت أيضاً من الدول التي تطمح إلى لعب دور إيجابي في القضايا الدولية المعاصرة، والشرق أوسطية منها بالذات، فالموقف الياباني واضح من المبادرة العربية وطوكيو من عواصم العالم الكثر التي أثنت على جهود القيادة السعودية وأكدت مثابرتها للحصول على السلام العادل والشامل والذي كان آخره مبادرة السلام العربية، وما حملت في ثناياها من مضامين إنسانية وتعايشية صرفة تجاهلها الجانب الإسرائيلي وماطل في فهم منطلقاتها، ولعل ذلك ما يجعلنا نقول إن من أهم ما هو آتٍ في جعبة رئيس الوزراء الياباني في الجانب السياسي كون بلاده لديها علاقات مع تل أبيب كما مع الفلسطينيين فتح قنوات ضغط وإقناع مع الإسرائيليين لإنهاء تلكؤهم في الجنوح إلى خيارات السلام.
أما في الجانب الاقتصادي وهو الجانب الذي أصبح من أهم الدعامات للمواقف السياسية في عصر التكتل الاقتصادي فإن اليابان كعملاق اقتصادي في محيطه الآسيوي والدولي يعتبر شريكا إيجابيا ومهما لأفكار النهضة والتطوير وأجندات التنمية المستدامة التي اتخذتها المملكة خياراً مهماً لبناء مستقبل واعد وحاضر مشرق يواكب القفزات الحداثية المتتالية في العالم, تلك النهضة والطموحات التي أصبحت تسيل لعاب الكثير من الشركات الاقتصادية العالمية، وأصبحت تتنافس بتقديم العروض للمشاركة فيها، وهو الأمر الذي كان للشركات اليابانية نصيب جيد به. ولعل هذا ما يفسر وصول أكثر من 137رجل أعمال في معية رئيس الوزراء الزائر.
كما أن للجانب التعليمي والثقافي نصيبا طيبا في حيثيات هذه العلاقات الثنائية، خصوصاً في مجال دراسة الطلاب السعوديين في الجامعات اليابانية، حيث يوجد150طالباً سعودياً في اليابان ينكبون على دراسة اللغة اليابانية، وإكمال دراساتهم العليا في جامعات اليابان.
العلاقة السعودية اليابانية أصبحت في مرحلة الانعتاق من طوق العلاقات التقليدية، ودخلت في مضمار العلاقة الاستراتيجية الخلاقة وهو الأمر الذي سيكون له الأثر الإيجابي الكبير أولاً على المصالح المشتركة بين الدولتين وشعبيهما، وثانياً على القضايا الدولية والإقليمية التي تهم كلاً من الرياض وطوكيو؛ نظراً لما تحتله المملكة العربية السعودية من ثقل سياسي وقيادي مؤثر في المحيطين العربي والإسلامي، وما تتصدره طوكيو كقوة اقتصادية خلاقة في عصر تداخل المعايير الاقتصادية والسياسية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244