ثمة خلافات متزايدة بشأن العراق حتى داخل كل طرف من الأطراف الفاعلة على هذه الساحة المضطربة، وتتناول الخلافات كل شيء من الأسوار العازلة التي باتت أحد معالم العاصمة بغداد وإلى موعد انسحاب القوات الأمريكية، وبينما يأمر رئيس الوزراء العراقي بإزالة الأسوار فإن مسؤولين عسكريين عراقيين وأمريكيين يقولون إن العمل يمضي قدما في استكمال هذه الإنشاءات الجديدة..
وفي العاصمة الأمريكية يحتدم نقاش بين الرئاسة والكونجرس حول موعد الانسحاب وحول الصلاحيات الخاصة بكل من السياسيين والعسكريين، ويرى الرئيس الأمريكي جورج بوش أن السياسيين لا ينبغي لهم وحدهم الفصل فيما يجري هناك، وأن عليهم أن يكفوا عن التدخل في شؤون العسكريين الذين يدركون تماما ما ينبغي عليهم القيام به دون انتظار توجيهات من أحد..
ويتواصل هذا النقاش فيما يعتزم الكونجرس الذي يسيطر عليه الديموقراطيون تقديم مشروع قانون لتمويل العمليات العسكرية في العراق عام 2007م هذا الأسبوع غير أن بوش حذر من أنه سيمارس الفيتو الرئاسي ضده إذا ما تضمن جدولا زمنيا لسحب القوات.
وفي كل الأحوال فإن الشأن العراقي يهم العراقيين بالدرجة الأولى، ورغم أنه يفترض أن يكون هذا الأمر مفهوما لدى الجميع، فإن البعض يرى مع اتساع سطوته وسيطرته على بعض الجوانب أن الشأن العراقي يقع ضمن مسؤولياته التي قد تصور له رسم سياسات قد تناقض تماما توجهات أهل البلد..
ومن المهم أن يسارع العراقيون إلى تعديل الوضع بحيث تترسخ القناعة بأن العراق للعراقيين وأن مصيره ومآلاته ينبغي أن ترسمها الإرادة العراقية، ولن يستطيع العراقيون ترسيخ ذلك ما ظلوا خارج دائرة الإرادة الحرة الفاعلة التي تستطيع أن تفرض رأيهم وتتيح سبل ترسيخ هذا الرأي كأمر ملموس على أرض الواقع..
وعلى الرغم من زيادة التوترات الطائفية، أو هذا على الأقل ما تنقله وسائل الإعلام، فإن عراقيين عديدين يقولون إن ما يظهر في وسائل الإعلام هو مجرد أماني لمن لا يريدون خيرا للعراق، وأن الحالة الطائفية بخير وأنها قادرة على تجاوز المصاعب، مشيرين في ذات الوقت إلى أن ذلك لا يعني غياب الأحداث ذات البواعث الطائفية لكنها ليست هي المسيطرة، وأن إرادة التوحد بين العراقيين أقوى من العوامل التي يمكن أن تفرق بينهم، وأن الأجواء الضبابية السائدة الآن لا تتيح رؤية واضحة وقد تحجب حقيقة الصورة..
والأمل هو أن يتمكن العراقيون من الدفع بهذه الصورة المتفائلة إلى مقدمة الأحداث وذلك من خلال إزالة كل مظاهر الفتنة الطائفية، وإذا قويت هذه الحالة الإيجابية للوحدة الوطنية فإن العراق يكون قد وضع يده على أول ملامح الحل، ولعل الأهم في ذلك أن يتم إدارة الشأن العراقي كاملاً بأيد عراقية..
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244