تتطور حرب الصومال باتجاه حرب ذات ملامح طويلة الأمد، وصولاً إلى ما يشبه الصيغة العراقية التي تتواتر وقائعها بصورة يومية متكررة تبعث على السأم رغم أنها لا تزال تستثير العطف والشفقة خصوصاً على مصير الشعب العراقي، وفي الذهن أيضاً تطورات الحرب الأفغانية التي أصبحت من طبيعة التكوين الأفغاني، فلا تذكر أفغانستان إلا وتتواتر إلى الذهن كل صور الحروب والمعارك والمآسي الإنسانية.
وفي البلدين لم يعد ما يحدث يثير الكثير من الاهتمام، وإنما بات الناس يسألون بطريقة تنم عن الضجر والسأم عن عدد الذين سقطوا اليوم في التفجيرات الانتحارية أو في الغارات الجوية التي يستوي عند منفذيها المسلحون والمدنيون بما في ذلك النساء والأطفال والمسنون وبهذه الكيفية المأساوية في التناول للوقائع في العراق وأفغانستان يُخشَى أن يتم إدراج الصومال في ذات المستوى من التناول الذي ينم عن لا مبالاة مخيفة، إذ كيف يعتاد الناس على مثل هذه الأحداث اليومية المهولة حتى وإنْ كانت تحدث كل ساعة وكل لحظة، فالقتل يظل هو القتل مهما تعددت وقائعه كل لحظة وأخرى فهو قمة الفظاعة الإنسانية..
وقد يكون المثال الصومالي متفرداً من جهة الفظائع التي يتوفر عليها حالياً ومستقبلاً، فالصومال لم يعرف الاستقرار طوال أكثر من عقد من الزمان، حيث تطورت خلال هذه المدة مفاهيم خاصة لدى إدارات وسلطات نمت خارج إطار الدولة المعروفة في كل مكان، وهذه السلطات تسلك بطريقة تستجيب فقط لزعماء العشائر وقادة الحرب الذين راكموا طوال هذه السنوات خبرات معينة في كيفية الإدارة تستند في المقام الأول إلى ثقافة الحرب..
وعلى الرغم من انتشار مظاهر الحرب وثقافتها وفظائعها، فإنَّ معظم أهل البلاد يهمهم أن يعود السلام إلى وطنهم فهو الأصل، وسيكون من المفيد أن تنطلق مبادرات حقيقية للتسوية تحد أولاً من هذه السطوة الكبيرة لروح الحرب في بلاد ممزقة وفقيرة تحتاج إلى الغذاء والدواء أكثر من القذائف والمدافع والدانات التي تلهب نهارات وليالي الصومال..
إن إضافة موقع آخر للحرب في الخارطة الإسلامية يجعلنا أمام صورة مشوهة لهذا العالم، بينما ديننا القويم هو دين السلام والتعاطف والتعاون، الأمر الذي يلقي على كاهل قادة الدول الإسلامية المزيد من المسؤوليات من أجل وقف هذا التدهور المريع في أوضاع المسلمين ومحاولة إعادة العافية إلى أجزاء كثيرة من عالمنا.
وسيكون من المفيد مباشرة المهام المتعلقة بالصومال اليوم قبل غد، ومن خلال وسائل وأدوات عربية إسلامية، فالأشقاء هم الأقرب إلى تفهم ما يجري والأقدر على اجتراح وسائل وسبل الحل إذا توافرت النوايا الصادقة المخلصة والعمل الفوري الذي يقود المبادرات الدولية ولا يسير وراءها.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244