المتمعن في مشروعات التنمية الضخمة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في منطقة الرياض الأسبوع الماضي يجد في ثناياها الكثير من المعاني والقيم الإنسانية النبيلة، على أساس أنها تتمحور جميعها، حول تنمية الوطن وتهيئة سبل الحياة الكريمة والرفاهية المتجددة للمواطنين. عندما يكون المواطن أساس التنمية ومحورها فإننا نتحدث عن (إنسانية المشروع) وإن كان مشروعاً استثمارياً من الدرجة الأولى.
كل المشروعات التنموية، الاستثمارية منها والحكومية، وإن اختلفت أهدافها إلا أنها تحقق قيمة مضافة للمواطن، والمجتمع، وتساهم في تحقيق فرص العمل، وتساعد على تنمية الحياة الفكرية، الاجتماعية، الاستثمارية ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على جميع فئات المجتمع دون استثناء.
مشروعات الخير والنماء ستسهم في إحداث نقلة نوعية في منطقة الرياض، وستساعد على تطوير البنية التحتية للقطاعات الاقتصادية، المالية، التعليمية، السياحية، وسوق العمل.
مشروعات الخير والنماء التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين اشتملت على توليفة جميلة بين الاستثمارات الحكومية الخالصة، والاستثمارات شبه الحكومية، والاستثمارات الخاصة بقيمة إجمالية بلغت 120 مليار ريال، وُجِهت نحو بناء المستقبل من خلال 1800 مشروع إستراتيجي.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص يمكن أن تكون أساس العمل التنموي المستقبلي، فالدولة - رعاها الله - لا يمكن أن تتحمل تكاليف التنمية بمفردها، وهي وإنْ استطاعت عمل ذلك في الوقت الحالي، فلعلها لا تستطيع المواصلة مستقبلاً.
لذا نجدها دائماً ما تؤسس لمشروعات التنمية الإستراتيجية، وتبذل لها الأموال الطائلة ثم تسعى لإشراك القطاع الخاص في جزء منها، بعد أن تُكمل تجهيزات البنية التحتية وتهيئ البيئة الحاضنة، وهو نوع من أنواع التدرج في العمل، وتحمل المسؤولية الجزئية المفضية إلى الخصخصة الشاملة.
كان للقطاع الخاص دور فاعل في مشاريع الخير والنماء التي أطلقها الملك عبدالله، وهي مشروعات ضخمة جمعت بين ضخامة الاستثمار، وجمال التصميم، وتفرد نوعيته، ومواءمته لمتطلبات واحتياجات مدينة الرياض المستقبلية.
توجه المؤسسات الحكومية ذات الملاءة المالية العالية (التأمينات الاجتماعية، ومعاشات التقاعد) نحو الاستثمارات التنموية هو جزء لا يتجزأ من تطور الفكر الاستثماري الحكومي الذي بدأ يرسم إستراتيجية المشاركة الاستثمارية الفاعلة التي تضمن تحقيق الربح، وتنمية الفرد والمجتمع.
مدينة الرياض شهدت مشروعات ضخمة للمؤسسات الحكومية وأثبتت نجاعتها على المدى البعيد، وهو ما يشجعنا على مطالبتها في تطبيق تجربتها الاستثمارية الإنمائية في جميع مدن المملكة، النائية منها على وجه الخصوص.
أعود إلى إستراتيجية التنمية التي بدأت في تكثيف الجهود وحشد الدعم لإنجاز حزم من المشروعات التنموية المشتركة رغبة في إنجازها في أسرع وقت ممكن كي تساهم في اختزال الزمن وتسريع دوران عجلة التطور الداخلي.
وهي دون دنى شك إستراتيجية طموحة إلا أنها تحتاج إلى قاعدة ضخمة من شركات البناء والتشييد ذات الكفاءة العالية خاصة أننا نتحدث عن مشروعات عالمية ضخمة، البعض منها لم يسبق إنشاؤه في مناطق المملكة.
أي أننا ربما نحتاج إلى الخبرة، والكفاءة، والتخصص من أجل تحقيق الفائدة القصوى من مشروعات التنمية.
قطعاً هناك الكثير من الشركات السعودية المتميزة وذات الكفاءة العالية إلا أن أغلبها وصل مرحة التشبع الإنتاجي، ولم تعد تمتلك المساحة الكافية لإنجاز مشروعات إضافية ما يجعلنا نفكر ملياً في فتح الباب للشركات العالمية التي يمكن أن تنجز بعض من هذه المشروعات في وقتها المحدد، وبالكفاءة العالية.
دخول الشركات العالمية، منفردة، أو عن طريق المشاركة مع الشركات المحلية ستساعد في نقل الخبرات العالمية لسوق البناء والتشييد السعودي.
الشركات العالمية يمكن أن تكون أكاديمية متنقلة للتعليم ونقل الخبرات من خلال بيئة العمل. عوداً على بدء، فمشروعات التنمية الضخمة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ماهي إلا جزء يسير من مشروعات الخير والنماء التي أطلقها، حفظه الله، في جميع مناطق المملكة على أساس من العدل والمساواة تفعيلاً لإستراتيجيته العادلة الهادفة إلى تنمية المناطق.
لا يمكن أن أختم دون التطرق إلى (قلب الرياض النابض) الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض، الأمير الإنسان الذي أخذ على عاتقه تطوير مدينة الرياض ونقلها إلى مصاف العواصم العالمية.
أكاد أجزم بأن كل حدث جميل تنعم به منطقة الرياض يكون خلفه الأمير سلمان بن عبدالعزيز، التطور الحضري، التنمية الاجتماعية، المساهمات الإنسانية، الجمعيات الخيرية، جمعيات تحفيظ القرآن، المؤتمرات الاقتصادية، المشاركات الشعبية، وغير ذلك.
نقلة نوعية شاملة أسس لها الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مدينة الرياض، فأصبحت جزءاً من حياته، وعمله، وتفاصيله الخاصة.
وهكذا يعمل الجميع لخدمة الدين ثم الوطن والمواطنين، جهد لا يكل، وعمل لا يُمَل، وطموح بعيد لا يمكن أن يقف عند حد. قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}
فجزا الله العاملين على عملهم وإخلاصهم وتفانيهم، ورزقهم الفردوس الأعلى من الجنة،، إنه سميع مجيب.
f.albuainain@hotmail.com